الممرضات البلغاريات .. والدم العربي الرخيص
فايز الفايز
24-07-2007 03:00 AM
يصيبني الغثيان أحيانا حينما أفكر في الوضع الذي آل اليه العرب ، وأمة العرب ، وأطفال العرب ، وحكومات العرب ، فكيف تصبح خير أمة أخرجت للناس ، أسوأ أمة في حقوق أبناءها و كيف يسترخص الدم العربي وكأنه " بصاق " من فم مدخن !؟ الممرضات البلغاريات و" الفلسغاري " ، الذي نربأ بمهنة الطب ان يكون منتميا لها ، لم ينتصروا صباح اليوم حين عادوا الى صوفيا موشحين بأكاليل الغارّ وعلى متن الطائرة الخاصة بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، بل الذين انتصروا هم أبناء العالم " الحرّ " دول الإتحاد الأوروبي الذي اصطف في خندق واحد مع سبع ممرضات لم يكن الطبيب العربي الأصل سوى لاحقا لهن ، وليس في حساب العالم الأوروبي .
حكومات أوروبا لوحت بالويل والثبور للجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العظمى ، إن نفذت سلطاتها عقوبة الإعدام ضد تلك النسوة المسؤولات عن إصابة مئات الأطفال العرب في ليبيا بمرض الأيدز ، بعدما ثبت للمحكمة ثبوت التهمة عليهن وعلى كبيرهن الذي علمهن خيانة المهنة وخيانة الحياة وخيانة الرب .
اليوم ثارت ثائرة أوروبا ، لأن مسيو ساركوزي قد خطف النصر من بين أيدهم ، بعد كل الجهد والعناء الذي عانوه في سبيل إطلاق " ملائكة الدم الفاسد " وتدخل زوجته المصون " سيسيليا خانم " في المفاوضات وتقديم المغريات للحكومة الليبية وعلى رأسها التطبيع مع الإتحاد الأوروبي وهو شرط ثوار ليبيا لنسيان دماء أبناءهم .
لا أدري حقيقة .. من يلوم رجل حينما يبكي ، ثم يبكي ويبكي ، على حال هذه الأمة التي تشبه العجوز المصاب بترقق العظام ، يصرخ أينما لمسته ، يتكسر حيث وضعت أصبعك عليه ، الرأس فيها غائب الوعي عن شكوى الجسد ، الصوت الوحيد المرتفع فيه مكان إنطلاق غازات بطنه ، فمه متقرح ولسانه يقيح ، والآهات تكاد تخرج كأنينٍ واهٍ .. ليس إلا .
ملايين الأطفال العرب ماتوا في العراق والسودان والصومال جرّاء الحصار الظالم ضد حرية العرب وإرادة العرب ، وحق العرب في حياة كباقي سكان الأرض ، ملايين الأفواه الفاغرة تنتظر قطرة من ماء ، أو دواء ، ولم يتحرك العالم الأشقر لنجدتها ، .. دماء تسفك كل يوم ، وأرواح تزهق ، وجثث تعفنت لم تجد من يدفنها في بلادي ، والعالم المتحضر ليس إلا صنم على قمة العالم ، لا يرى لا يسمع ، لا يتكلم ، تماما كتمثال الحرية الأمريكي ، صامت مثل إدارة بلاده عن كل ما من شأنه مسح العرب عن خارطة الكرامة ، والحرية ، والتقدم .
لماذا تأتي حرم الرئيس الفرنسي خصيصا الى طرابلس أمس ، ولم يأتها من هو أصدق منه نحو قضايا العالم ، لماذا يبقى العالم يناشد الحكومة الليبية لإطلاق سجينات الخطيئة ويطالبون حماس بإطلاق سراح شاليط ، وحزب الله بإطلاق سراح جنديين يهود و يطالب طالبان أطلاق سراح المختطفين وإطلاق المختطفين في اليمن ، وفي الجزائر ، وفي العراق ، وفي كل العالم الثالث .. ولا يطالبون بحماية شعوب كاملة تعد في أقل تعداد ملايين البشر .
أين الخلل .. فينا نحن كشعوب ؟ .. في حكوماتنا التي لا ترانا أكثر من نحل ، تأكل عسلنا وتقضي على أبرنا ،؟ أم في هذا العالم الذي لم يعد للعربي أي مكان فيه دون حمل براءة ذمة من البنتاغون ، و" قصور العذل " العربية التي تثبت إنه غير متهم بإقامة صلاة الفجر جماعة ، ولا يملك عقلا يفكر بحريته وحرية أمته من الإستعمار الغربي السادي المقنّع ، مهما تكن ديانته أو معتقده الفكري ، بل ان التهمة دائما جواز سفر عربي ، ووجه ملامحه شرق أوسطية .
دم عربي يسترخص في زمن حقوق البعوض .. أسف أيتها البعوضة ، ان لم يعجبك مذاق دمي ، فهو عربي !
Royal430@hotmail.com