في الوقت الذي يدعو فيه الجميع إلى تقديم المرأة بصورة إيجابية في مناهجنا، وحسب ما يطلبه إطار عام المناهج المُقَرّ رسميّا، وإطار مناهج اللغة العربية المقرّ رسميّا أيضًا، وفي ظل برنامج النوع الاجتماعي الذي نفذته بنجاح وزارة التربية، وفي ظل التوجه العام للدولة، ومنظمات المجتمع المدني في تقديم صورة إيجابية للمرأة، طالعنا المركز الوطني للمناهج بصورة معاكسة تمامًا.
الصورة الأولى في منهاج رياض الأطفال نصُ يقول:
أنظف لكم البيت، وأعدُ الطعام! من أنا؟ ليقول الأطفال: أمي!
تمكنا وقتها حيث كنت أعمل هناك من وقف هذا المشهد، وتم حذفه. أمّا المشهد الثاني، فهو ما ورد في كتاب الصف السابع: لغتي العربية الجزء الأول والذي يطبق لأول مرة هذا الفصل نصّ يقول:
تحضر فدوى المائدة لأخيها إبراهيم في أوقات وجباته، تنظف الأرض، تشتري له الملابس، ترتب له غرفته، تهيء له الماء الساخن كل صباح، ترافقه إلى العمل ص(9).
لا أدري ما ظروف الأسرة، لكن في كل الظروف ومهما كان وضع إبراهيم لماذا تقوم الأخت بهذه الأعمال؟ ولماذا لا يقوم أخ، أو أب بها؟ وهل هو معاق؟ المعاق يحب أن يقوم بخدمة نفسه بنفسه! ولا يسمح لأحد بذلك!
هنيئًا لك يا إبراهيم، فقد استعادت لك المناهج حقك السليب!! وأعادتك إلى عصر: سي السيد إبراهيم! مين قدّك؟
دار في ذهني: لماذا لا يغضب المجتمع على هكذا سلوك، كما غضب من سلوك مماثل في فيلم ما؟ كلنا نؤيد التضامن الأسري، ولكن لماذا نكرس الفكرة التقليدية التي نحاول التخلص منها "خدمة المرأة للرجل"؟ يبدو أن فلسفة المؤلفين تختلف عن فلسفة المركز الوطني، وفلسفة الدولة، وتميل للفكر التقليدي الذي نشأ المركز الوطني للتخلص منه؟
أفترض أن المؤلفين أحرار لكن هناك ستة مجالس قرأت الكتاب وأقرته!! هل قرأ أي منهم هذا الكتاب؟ أكاد أقول بقوة: كلا! فمجالسنا للتمرير والتبرير وليس للجد والتمحيص والتدقيق! وهذا ما يرضي الدولة!
هل خياراتها معقولة؟ لا أعتقد ذلك! يا حكومة: المجالس التربوية لا يجوز العبث بها، تحتاج باحثين وليس صامتين غائبين موافقين! تحتاج تربويين ذوي رؤى!
طبعًا الكتاب مليء بقضايا مماثلة مناقضة لمنطلقات الإطار العام للمناهج