على عكس مايظنه كثيرون ، فان مستويات عليا في الدولة، راجعت كافة تفاصيل المشهد الداخلي خلال الفترة الماضية.
لم تقف القصة عند حدود الاستماع الى شخصيات تم تسريب اسمائها ، بل عبر وسائل كثيرة ، بقي اغلبها غير معلن ، إلا ان هذه الوسائل قدمت قراءات عميقة لكل المشهد الداخلي ، وهي قراءات بلا اجندات مسبقة.
الدولة تتسم تاريخياً بالمرونة والاستجابة في تواقيت محددة لاشتراطات التغيير ، وقد شهدنا على مدى عقود ، مثل هذه الاستجابات ، التي ارتدت ايجابياً على الناس وعلى صاحب القرار في الأردن.
المراجعات شملت السياسات ، والمؤسسات ، والاسماء ، والمواقع ، وقد تم وضع تقييمات دقيقة للغاية ، بين يدي هذه المستويات ، حول كافة القضايا ، والمؤشرات الداخلية والاقليمية.
الأسئلة كانت تقول : لماذا يعتب الأردنيون ، وماهي الاسباب ، ومن تسبب بهذا العتب ، ولماذا لم تعالج قضايا كثيرة طوال السنوات الماضية ، والى متى يمكن الاستمرار بسياسة عدم الوقوف عند مايقوله الناس؟،.
احد ابرز الاستنتاجات كانت تتحدث عن شعور الاردنيين بنخر الفساد لكل شيء ، وهو نخر تسبب في تأثر الروح المعنوية للناس ، وشعورهم بأن هناك من يتكسب ويجمع الملايين على ظهورهم ، عبر التلاعب بمقدرات البلد.
الرأي الغالب هو مع تغييرات عامة ، على مستويات مختلفة ، ليس على مستوى الاسماء وحسب ، وانما على السياسات وادارة العلاقات مع المؤسسات والشارع وكل المكونات.
بشأن التغييرات فأن اراء تم طرحها تقول ان التغييرات السريعة قد تعني ظهوراً بمظهر المتأثر بما يجري في عدة دول ، وبحراكات الجمعة في الاردن ، وهذا الرأي هو مع تغييرات بطيئة لاظهار مسحة من الثبات والقوة ، ولمنع تقديم "هدية" لمن يظن انه يضغط ويقرر.
الرأي الآخر قال ان تأخير التعامل مع مؤشرات كثيرة ، سيؤدي الى ظهور الدولة بصورة الذي لا يسمع ، ولا يتأثر ، مما سيولد ردود فعل اعلى درجة ، لتأكيد رسائل سياسية وشعبية ، وان التباطؤ قد لا يكون مفيداً قياساً بمؤشرات مختلفة.
الرأيان اجمعا على ضرورة تنفيس الاجواء بشكل غير وظيفي بل عبر اتخاذ اجراءات حقيقية ، لاتتعلق فقط بمناقلات في الاسماء ، او ازاحة اسماء وتعيين اسماء جديدة.
المتفق عليه هو ضرورة اعلان حزمة كاملة تتعلق بالاسماء والبرامج والسياسات ، والاتجاه الاغلب في عقل الدولة المركزي ، هو استبدال مفردة "الرضوخ" لضغوط الشارع ، بمفردة اخرى تقول "الانحياز" لرأي الشارع ، وتلبية مطالبه.
في الاغلب هناك توجه اطلت اولى مؤشراته بمنح مجلس النواب مكانته الاصلية المفترضة ، واخراجه من حالة التصغير ، باتجاه ممارسة دوره الطبيعي والفاعل ، وسنشهد خلال الفترة المقبلة تحرراً نيابياً من حسابات معقدة.
بشأن بقية المؤسسات الرسمية على الاغلب ان تغييرات ستتم خلال فترة ليست طويلة ، ولن تشمل مؤسسة واحدة فقط ، وسترافقها خطوات غير دعائية ، بقدر كونها خطوات تحفر اثراً عميقاً في وجدان الناس.
العقل المركزي للدولة كان طوال الفترة الماضية ، يبحث في الحلول الممكنة ، لصيانة الداخل الاردني ، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وتم طرح اقتراحات كثيرة في هذا الصدد.
اللافت للانتباه ان التقديرات القديمة التي كانت تتحدث عن كلف التغيير ، من حيث الظهور بسمات الاستعجال او الاضطراب او المخاوف ، كلها تقديرات تراجعت وباتت القصة مختلفة تماماً.
التوقيت بالغ الدلالة ، غير ان ما يمكن قوله ان هناك وصفة ستخرج الى العلن عما قريب ، وهي وصفة ستثبت ان الشارع الاردني له كلمة مسموعة ومؤثرة عند صاحب القرار.
احد ابرز الملفات التي اثيرت مايتعلق بالتوصيف الوظيفي لدور بعض المؤسسات المدنية ، وتراجع هذا الدور ، وضرورة اعادة الدور القديم المنفتح على الناس.
بشأن ملف الاصلاحات السياسية تعددت الوصفات والاراء ، ويمكن القول ان الاولوية هي للاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ثم السياسية.
مايريده الاردنيون ليس تخريب البلد ، وكل مايريده الناس هو العدالة ومحاربة الفساد ، والشعور ايضاً بأنهم ليسوا في واد ، ومسؤوليهم في واد اخر.
..لننتظر،.
mtair@addustour.com.jo
الدستور