مسارات التحديث والضمانات المرجعية الملكية
د.زهير أبو فارس
07-09-2023 04:12 PM
ضمن مسارات التحديث الشامل( السياسي والاقتصادي والاداري ) التي انطلقت بإرادة ورعاية ومتابعة ملكية، بات لزاما على الحكومة والمؤسسات المعنية صياغة واقرار القوانين والتشربعات الناظمة لمجمل الأوضاع الجديدة التي تتطلبها وتتمخض عنها عملية التحديث القادمة. وكل ذلك في إطار الإلتزام التام بالدستور الذي يحمي قيم الدولة الأردنية ومبادئ وفلسفة الحكم في بلادنا ، والتي تقوم على الانسنة وحماية حقوق وكرامة وحرية المواطنين. وهذا ينطبق تماما على العديد من القوانين التي اقرت مؤخرا، ومنها قانون الجرائم الإلكترونية، وما جرى حوله من جدل وتجاذبات في المواقف تجاه المخاوف التي تنتاب البعض من تأثيراته المحتملة على أوضاع الحريات العامة ، بما فيها الحق في التعبير وإبداء الرأي، بل ونقد الأداء الحكومي.
لقد جاءت تأكيدات جلالة الملك الأخيرة، وخلال لقائه القائمين على المركز الوطني لحقوق الإنسان، على أن الأردن دولة قانون ديمقراطية، ولن تكون في اي حال استبدادية، وستبقى ملتزمة ووفية لقيمها الإنسانية الراسخة. وهذا يعني ان القوانين التي يمكن ان تتعارض (خلال تطبيقها)، مع هذه القيم والمبادئ، ستكون خاضعة للمراجعة والتعديل.. والملك كان وسيبقى المرجعية الضامنة للدستور وقيم الدولة الاردنية النبيلة، في حماية المواطن وصون حريته وكرامته، والتي جاء القانون اياه، وحسب المبادرين لإعداده، والقائمين على اقراره، للمحافظة عليها من فوضى وفلتان الفضاء الرقمي، الذي بات يشكل خطرا داهما يصعب السيطرة عليه وعلى تأثيراته السلبية على الفرد والمجتمع وسلمه الداخلي، وبخاصة مع التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات، والانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي.
اي أن التطبيق العملي للقانون سيكون الفيصل في الحكم عليه ، وعندها تستطيع "الماكينة الديموقراطية" من تعديل وتغيير القوانين التي لا تخدم الصالح العام ، أو تعيق عملية التحديث والتطوير والتقدم نحو الإمام. وهذا سينطبق ، بالضرورة ، على القوانين الأخرى الناظمة لمسيرة التحديث السياسي، ومنها قانوني الأحزاب والانتخاب ، التي ستختبرها التجربة القادمة، مما سيساهم في تنمية وتطوير الحياة السياسية. فالديموقراطية تترسخ بالممارسة العملية والبناء على الإيجابيات وتعظيمها، وهذا كان حال مسيرة الديموقراطيات العريقة في العالم.
وأخيرا، فإننا بأمس الحاجة إلى عدم الالتفات إلى الخلف ، ومواصلة السير إلى الأمام ، من أجل إنجاح المشروع الوطني للتحديث الشامل واستحقاقاته القادمة ، كهدف استراتيجي لا بديل له ، ولا عودة عنه ، لبناء الأردن الانموذج المزدهر .. الوطن الذي يوفر العيش الحر الكريم لكافة أبنائه وبناته..
* عضو مجلس الاعيان