الأحزاب ومجلس النواب الـ 20
محمد يونس العبادي
07-09-2023 12:38 AM
تهيأ المشهد السياسي، وباتت المنظومة التشريعية جاهزةً، وجاءت التأكيدات الملكية على إجراء الانتخابات النيابية العام المقبل، وقطعنا الشوط في التهيئة تشريعياً، حتى الذهنية العامة باتت هي الأخرى تنتظر الأحزاب، وترقب التجربة.
ففي هذه الانتخابات المنتظرة، خصص 41 مقعداً من أصل 138 للأحزاب، أيّ أن الطريق التشريعية إلى الحكومة البرلمانية رصفت، وجاهزة، وحتى اللحظة، ووفق آخر تصريحات «مستقلة الانتخاب» فإن عدد الأحزاب التي صوبت أوضاعها وحصلت على ترخيص من قبل الهيئة 28 حزبا، وهناك ستة أحزاب تحت التأسيس، فيما تدرس الهيئة ثمانية طلبات لتأسيس أحزاب جديدة.
هذه التوطئة كان لا بدّ منها لبيان ما أنجز.. ولكن، هل الاستجابة من قبل الأحزاب الطامحة أو الحزبيين، والتفاعل مع الناس وهمومهم.. فما زلنا بحاجةٍ إلى تفاعل أكبر من الحزبيين، وقادة وأمناء الأحزاب، بالاتجاه نحو الناس وآمالهم أفقياً وعمودياً، حتى لا يبقى هذا النشاط يلامس الحواف ولا يصل إلى أعماق المجتمع.
إذ ما يزال الحراك الحزبي في معظمه اليوم، يدور حول بياناتٍ إعلاميةٍ تتضمن زياراتٍ، وبعناوين تستجر وتتشابه، وما زال المشهد، يخلو من الإبداع، أو تقديم مضمونٍ يتفاعل معه الناس.
فالأردن بحاجة اليوم، إلى الأفكار الكبيرة، والبرامج، لهمومٍ عامةٍ.. وهذه يجب أن يتم الترويج لها بما يعبر عن الحزب بمفهوم العمل العام، لا الاقتصار على الزيارات وأخذ الصور في الدواوين، فما أنجز بحاجةٍ إلى مسؤوليةٍ أمينة في التعاطي مع قضايا عامةٍ، والبحث عن حلولٍ برامجيةٍ لمشاكل، لربما بينها اليوم.. مشكلة النقل العام، البطالة، تعرفة المياه، والتعليم المهني، الإدارة العامة، المجتمعات المحلية وقضاياها التنموية والخدمية.. فالأردنيون يريدون من الأحزاب الحلول، والتفاعل مع قضاياهم، ويريدون سماع صوت زعامات الأحزاب، لا صمتهم!.
إننا اليوم، أمام لحظةٍ مهمةٍ، والانتخابات المقبلة، والمجلس النيابي رقم 20، يعول عليه لأنّ يكون فارقاً في حياتنا السياسية، وبعض الحزبيين اليوم، ما يزال يستجر ذات المفاهيم، رغم ما تحقق من بيئةٍ حاضنة.
فالمطلوب تشكيل حكومةٍ برلمانية، فما نسبته 30 بالمئة من المجلس المقبل، سيكون من قبل الأحزاب، وهي نسبة تسمح بتشكيل ائتلافٍ حكوميٍ، ودون أن يكون بيد هذه الأحزاب برامج، وتفاعل مع الناس، فلن تتحقق الفائدة من التجربة.
والوقت ما يزال متاحاً لهذه الأحزاب كي تمشي خطوةً إلى الأمام، حتى لا تبقى البيئة التشريعية، والذهنية العامة متقدمةً عليها، والأمر يحتاج إلى برامج، وإن وجدت هذه البرامج، فعلى الأحزاب الترويج لها في فضاءٍ بات من السهل فيه التشابك والوصول إلى الناس، وبعد الترويج هي بحاجةٍ إلى تفاعلٍ جادٍ وذا مضمون، وليس مقتصرٍ على زيارات مجاملةٍ ومجالسة في الدواوين وأخذ الصور ونشرها، فما يحتاجه اليوم كل حزبٍ ناشئ هو مغادرة مربع الحواف إلى العمق المجتمعي.
فحتى اللحظة، لا نرى أن الصوت الحزبي قد وصل إلى الناس كما يجب، والوقت متاح حتى تكون مقاعد الأحزاب في المجلس المقبل جديرةً بالتجربة والبناء عليها وصولاً إلى ما نريده من خير لهذا الوطن.. فكل أنجز أدواره، وبانتظار أدوار الأحزاب.. والوقت يمر.
الرأي