زمان... كان العالم العربي والإسلامي يقوم ولا يقعد عندما يجرح فلسطيني في الأراضي المحتلة ، وكانت تلتهب الجماهير وتهيج عندما يستشهد واحد هناك أو يتم الاعتداء على الأقصى من قبل اليهود .
اليوم يمر الخبر الفلسطيني مرورا سريعا عند الغالبية العظمى دون أن يترك أي أثر في النفوس ، والعلة هنا أن الناس اعتادوا على أخبار القتل في فلسطين والاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى بسبب الضخ الإعلامي "الملغوم" " في الإعلام العربي والقصد أن تتقبل العين مشاهدة هذه الأحداث وتعتاد الأذهان عليها حتى تعود لا تترك أثرا على أحد ، بل أكثر من ذلك ،
الكثيرون باتوا عندما تقع أعينهم على خبر لفلسطين يحركون ريموت التلفاز أو مفتاح الإذاعة وكأن هذه الأحداث أصبحت بالنسبة لهم مسلسلا مملا، وأدى ذلك إلى موقف سلبي من كل القضية وتفاصيلها وانتقل الملل إلى الجانب السياسي ولم يعد لأحد أي اهتمام لآلاف التصريحات ومئات الاتفاقيات ،حتى خبر تطبيع أي دولة عربية مع إسرائيل أصبح خبر أقل من عادي بعد أن كان بمثابة الزلزال على المستوى العربي والأسلامي .
وهذا فصل من فصول التفريط في القضية التي رتبت على إمتداد عقود طويلة حتى نصل إلى هذا الواقع ، ويتحمل مسؤولية هذا الواقع عوامل وجهات متعددة من ابرزها الإعلام العربي في معظمه الذي يدعي في ظاهره اهتمام بما يجري في فلسطين وفي باطنه مشاريع إعلامية وسياسية سوداء باتجاه القضية برمتها ، وقد بات هذا الإعلام سلاح جديد يضرب ظهر القضية الفلسطينية ، وهو أخطر في مفعوله من الجانب السياسي وربما العسكري لأنه مهد لطريق تقبل الناس لما يجري في فلسطين وتقبلوا السياسية التي تمضي على طريق تصفية القضية .
أصبحنا نسمع من مجموع لا يستهان بحجمه أن الفلسطينيين عليهم أن يقبلوا بما تعرض عليهم إسرائيل ، وعليهم الكف عن المقاومة : العدمية" والمطالبة بحقوقهم ، وعليهم ايضا ان يسعوا للمحافظة على حياتهم ويقبلوا بالحد الأدنى من الحقوق الحياتية فقط ، أي إن الفلسطيني أصبح مطالبا بالصمت حتى يضمن حياته وقوت يومه لا أكثر .
هذا واقع موقف وتصور الكثيرين من العرب للقضية الفلسطينية، ودفع نحو هذا التفكير إشغال كثير من العرب بأحوالهم الداخلية وانكفؤا على شؤونهم الخاصة بل وأقبلوا على الانفتاح على إسرائيل ، وهذا مشروع مدروس منذ زمن طويل لدى دوائر القرار في العالم المسيطر عليها من الصهيونية ، ولا نتهم الشعب الفلسطيني بل نشير إلى قياداته عندما لعبت دورا كبيرا في الوصول إلى هذا الحال للقضية بانشقاقاتهم وخلافاتهم وتشتتهم في ولاءاتهم بين العرب وأخرين من دونهم وصراعهم على السلطة ، وبات موضوع المصالحة بينهم مسلسل سمج لا يعير حتى الفلسطينيون له أي اهتمام ، وفقدت هذه القيادات مشروعيتها وثقة الناس بها .
لقد تكالبت كل الجبهات سواء كانت خارجية أو داخلية على حقوق الفلسطينيين حتى يئس الكثيرون من إنهاء القضية وكان الإعلام رأس حربة في المعركة ضد فلسطين كلها .