في المشهد المصري الذي يعكس انتفاضة شعبية عارمة للمطالبة بمكافحة البطالة والفقر والفساد المالي والاداري، علامات ومؤشرات تستحق التوقف عندها وتاملها والثناء عليها.. من أهمها ترحيب المتظاهرين بوقوف قوات الجيش المصري الى جانبهم دون التحرك ولو خطوة واحدة نحو التصادم معهم..فهذا المؤشر يدل على وعي كبير في صفوف هذا الجيش الوطني الباسل الذي تجلت وطنيته وانتماؤه الى وطنه وشعبه وامته عند عبوره خط «بارليف «الإسرائيلي الحصين في حرب اكتوبر عام (1973)..

فلقد بر هن هذا الجيش على وعي تام بان المتظاهرين من ابناء شعبه قد يكونون من اقارب افراده ففيهم الاخ وابن العم والجار والخال والصديق..ولا يجوز ان يتصادم معهم او يطلق النار عليهم..

وليس بمستبعد ان تكون ثمة هموم مشتركة ومشاعر واحدة ودراية بالظروف الصعبة التي يعاني منها شعبهم..

هذه الانتفاضة الشجاعة التي تجوب شوارع العاصمة وابرز المدن المصرية منذ حوالي اسبوع لم تات من فراغ بل هي رد فعل لمعاناة قاسية وحرمان اعترف بهما الرئيس مبارك نفسه..

وقد تجلت وطنية المتظاهرين وصدق انتمائهم لوطنهم عندما اظهروا حرصا كبيرا على حماية مؤسسات وممتلكات ومتاحف الوطن من نهب وسلب العابثين من ذوي النوايا المشينة واللصوص الذين ارادوا استغلال الفلتان الامني لتحقيق مآربهم واطماعهم في الكسب الحرام..

لقد احسن الجيش صنعا في انتشاره الواسع في العاصمة وفي المدن الاخرى ليحل محل قوات الامن التي اطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين ليسقط مئات القتلى وآلاف الجرحى لا لذنب اقترفوه بل لانهم خرجوا للتعبير عن الامهم واوجاعهم والاعلان عن مطالبهم المشروعة.علما بانه ليس لهم مصلحة في التصادم مع المتظاهرين من ابناء شعبهم وليس لهم مصلحة في قتل الابرياء منهم..

التظاهر والتعبير عن الراي حق دستوري للمواطن المصري ولا يجوز مصادرة هذا الحق بالقوة المفرطة والادارة الاميركية والحكومات الاوروبية طالبت الحكومة المصرية بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين احتجاجا على سوء اوضاعهم المعيشية والصحية والتعليمية وغيرها..

لقد شاهدنا من على شاشات التلفاز كيف يتعانق ويتصافح المتظاهرون مع افراد الجيش المصري المتعاطف معهم..

وهذا مؤشر كبير على ان الوحدة الوطنية في مصر في احسن حالاتها ولا ينتهكها سوى اصحاب المصالح الانانية الضيقة الذين لا يعيرون اي اهتمام لمعاناة شعبهم المحروم من مختلف وسائل العيش الكريم..

(الراي)