يحتل الملف الدولي مساحة واسعة ويتحكم بمفاصل كثيرة وتنافسية غير مسبوقة؛ لتحقيق إنجازات تعود بالنفع لمصلحة هذه الدول، فالملف الأوكراني وتداوله ما بين الأطراف المختلفة لتحقيق نجاحات على أرض الواقع يشكل تنافسية عالية ما بين دول الصراع، فالولايات المتحدة وحلفاءها من جهة وروسيا والصين وبعض الدول الأخرى التي تشكل تحالف آخر لتحقيق مساحة جديدة على أرض الواقع، من هنا نجد بأن أشكال الصراع تأخذ أبعاد كثيرة ومختلفة وإن كانت هناك أهداف بعيدة المدى منتظر رؤيتها على أرض الواقع حالما يحين الوقت المناسب لها، فروسيا جادة في وضع بصمة لها على الخارطة السياسية والصين تشكل مراكز قوى جديدة لتغير المعادلة والولايات المتحدة تحاول جاهدة الحفاظ على مكانتها ولعل الأيام القادمة حبلى بأحداث جديدة تحملها لنا.
أما على المستوى الإقليمي وهناك قوى جديدة ظاهرة تحاول فرض أجندة جديدة بحكم قوتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي أو الثروات وغير ذلك إيران وتركيا والسعودية والهند ودول أخرى يبحثون عن دور جديد لهم في المنطقة لوضع بصمة جديدة هذه التنافسية العالية لابد لها أن تأخذ دوراً وشكلاً جديداً للتعامل معه فإيران لديها أوراقها الضاغطة في هذا الهلال أما تركيا فتحاول أن تعيد دور الدولة العثمانية ولكن بصورة مختلفة للدخول إلى منطقة الشرق الأوسط والسعودية كذلك وقدراتها الاقتصادية تحاول البحث عن دور استراتيجي جديد في المنطقة، ولعل الورقة الاقتصادية هي الورقة الرابحة في هذه المرحلة لما لها من أهمية فالمشاريع الكبرى تعمل على التوظيف وتخفيف البطالة وخلق واقع جديد يساعد هذه الدول على الدخول إلى بعض الدول المحيطة التي بحاجة إلى استثمارات وخلق فرص يمكن أن تعمل على تحسين الظروف، إلا إن الواقع الإقليمي كثيراً ما يشهد ضغوطات غير مسبوقة في الفترة الحالية فالورقة اللبنانية غير مستقرة وتشدها قوى وصراع داخلي وخارجي والوضع السوري ليس بأحسن من ذلك فعدم الاستقرار وطلب التغيير للوضع الداخلي يتطلب كثير من الممارسات الدولية التي تتفاوض ما بين بعضها البعض لتحقيق مصالحها بالإضافة إلى الوضع العراقي الذي ما بين فينة وفينة تعتريه اهتزازات كثيرة ويتطلب إعادة النظر وكذلك الوضع الفلسطيني الملتهب في الجوار الذي يشكل نواة غير مستقرة هذا الملف يعمل ضغطاً سياسيا على الأطراف الإقليمية لخلق واقع جديد ربما نراه في الواقع القريب بصور مختلفة.
أما الوضع الداخلي فنحن والحمد لله برغم كل هذه الظروف نعيش وضعاً مستقراً بالرغم من الإطار المحيط والملتهب، إلا إن ذلك يتطلب التكيف مع ما هو جديد ومحيط فنحن لا نعيش في عزلة وبناء على ما سبق فلابد دائما من تعزيز الجبهة الداخلية واجراء اصلاحات اقتصادية .
ومن هنا فنحن وحسب توقعي أمام مرحلة جديدة من حيث البناء الحزبي القادم من خلال الانتخابات النيابية وحتى نكون جاهزين ونعبر بشكل سوي لابد من إجراء تغييرات يلمسها المواطن وقد تكون مؤلمة لبعض الاطراف إلا إنها جراحة لا يمكن تفاديها لما لها من اهمية لنكون قادرين على ادارة الملفات بشكل صحيح وقوي، وهذا عهدنا بالأردن من خلال هذه القيادة حينما تدفع برجال مناسبين للمرحلة القادمة بما تتطلبها من إمكانيات تسجل للأردن بصمة في السجل.