من الأخطاء التي ارتكبت بعد جائحة كورونا ،عدم الاهتمام باتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليل الاضرار التي حصلت في بيئة التعليم، ونتفق جميعا ان هناك عدد من الفجوات، سيما في كيفية سعي مؤسسات التعليم العالي لإحداث تحول جذري في التعليم والتدريب، والتطور الاجباري إلى استخدام الرقمنة في وقت قصير للغاية، ولغرض تحقيق التحول الناجح، كان يجب على الجامعات أن تكون على دراية بالعوائق المحتملة وأن تتعرف على الأدوات والأنظمة الجديدة، ودمج هذه التكنولوجيا في عملية التدريس والتعلم.
سنتناول في هذا المقال بعض الموارد والمنهجيات التكنولوجية المهمة التي تستخدمها الجامعات، وأيضًا العقبات والحواجز الرئيسية التي يواجهها الأكاديميون والطلاب على المستوى المؤسسي واستعراض الصعوبات الأكثر شيوعًا التي تحددها والحلول المقترحة لها من قبل مختلف دول العالم.
كنتيجة مباشرة للظروف التي فرضتها كورونا وللحفاظ على ديمومة التعليم في أوقات الطوارئ، شهدت اغلب الجامعات تحولًا واسع النطاق إلى التعلم عبر الإنترنت وفي فترة قصيرة من الزمن، بحيث اضطر الأكاديميون في جميع أنحاء العالم إلى تحويل المواد والأساليب بسرعة و بتنسيق مناسب عبر الانترنيت وكان هذا التحول متسرعا وأجباريا بحكم الظروف. فرض الوباء فترة من التجارب العالمية على التدريس عن بعد وقد اطلق على هذا النظام الجديد اسم (التعليم عبر الإنترنت في حالات الطوارئ) وقد فرض النظام تحديات غير مسبوقة على الطلاب، الذين كانوا بحاجة إلى المساعدة الفنية، ولكن أيضًا على الموظفين وادارات الجامعات، الذين اضطروا إلى إعادة انتاج أنفسهم في وقت قياسي للحفاظ على سير عمليات التعليم الجامعي.
صحيح أن عملية التحول الرقمي في التعليم العالي بدأت منذ سنوات سبقت الجائحة، إلا أن الوباء أدى إلى تسريعها، الامر الذي أدى إلى احداث تغييرات جوهرية في غضون أسابيع. وانطوي هذا التحول التكنولوجي للتعليم على تغييرات عميقة في منهجيات التدريس والكفاءات الأساسية وطرق التقييم، وهذا ما ادركته معظم مؤسسات التعليم العالي في السيناريو الافتراضي، الذي الزم الجامعات بتغيير اساليبها من نظام التعلم القائم على المحاضرة الوجاهية داخل الصف في الغالب إلى منهجيات التعلم القائم على مشاركة الطلاب بشكل أكثر فاعلية وكان لهذا الانتقال من التعليم "الشخصي" إلى التعليم الافتراضي آثار كبيرة على عملية التعلم بأكملها، ولم يقتصر الأمر على تعديل أساليب تقييم نتائج التعلم على نطاق واسع فحسب، بل تطلب أيضًا إعادة النظر في المهارات والكفاءات المطلوبة من الطلاب في عملية الإعداد الجديدة.
رغم أن إجراءات التباعد الاجتماعي قد انتهت، الا ان كثير من الإجراءات التي فرضت نفسها اثناء الجائحة استمرت (بشكل او بآخر) لحد الان ؟!!، لذا بات من الضروري جدا على المؤسسات التعليمية إعادة تصميم آليات عملها بشكل كامل لمواجهة البيئة الجديدة، وبناء وتصميم تجربة تعليمية تنفذ عبر الإنترنت، وتطوير منهجيات التعلم الرقمي وتوفير سياقات وأدوات وأنظمة دعم هذا النوع من التعليم تتوائم مع متطلبات الظروف المستجدة ، علما ان التعليم الرقمي يتطلب بنية تحتية ومنصات تكنولوجية مناسبة مثل Blackboard وMoodle وMicrosoft Teams ، وخوادم قوية يمكنها تحمل عبء العمل الافتراضي، وتدريب منهجي للأساتذة والطلاب على التعليم عبر الإنترنت باستخدام جميع الموارد التقنية والتعليمية المتاحة.
توفر الموارد التكنولوجية المتاحة خلال المرحلة الانتقالية خيارات متعددة للتدريس، مثل إلقاء المحاضرات عن طريق مؤتمرات الفيديو، ومشاركة المواد (مثل الشرائح ومقاطع الفيديو والعروض التقديمية)، والتفاعل من خلال المحادثات، وإنشاء منتديات للنقاش أو مجموعات العمل، والإشراف على الأنشطة العملية، وتقييم الطلاب وتعليمهم، وتسجيل الشروحات. وإتاحتها للطلاب، وما إلى ذلك.
يمكن استخدام هذه الأدوات بشكل متزامن أو غير متزامن ومتكامل كما يجب دعم كل هذه الموارد بمنهجية تعليمية للحفاظ على انتباه الطلاب وإبقائهم مشاركين في اجواء الدراسة لضمان وضوح الهدف التعليمي لكل نشاط، ويجب على المعلمين تصميم المواد السمعية والبصرية، وتنظيم وقت عمل الطلاب، واستخدام الأدوات المناسبة لكل نشاط - على سبيل المثال، للتدريس أو أنشطة مؤتمرات الفيديو أو تقييم الطلاب. من المهم جعل الجلسات ديناميكية ونشطة للتفاعل بين الطلاب والأساتذة، وإشراك الطلاب في التعاون مع اقرانهم.
ظهرت منهجيات مختلفة للتدريس والتقييم عبر الإنترنت وأثبتت فائدتها فترة الوباء من خلال استخدام بعضًا منها في التدريس عن بعد، لذلك تعتبر عملية التقييم مهمة للغاية، لأنها تمثل تتويجا لعملية التعلم بأكملها، ووصفًا موجزًا لبعض الاستراتيجيات الرئيسية عبر الإنترنت والتقنيات الرقمية الداعمة المتاحة، بالإضافة إلى تقييم التعلم، وقضايا أخرى يجب أخذها في الاعتبار. كالصعوبات والتحديات الرئيسية التي واجهتها مختلف البلدان في عملية التدريس والتعلم أثناء عمليات الإغلاق، منها ما يتعلق بالتحول من التعليم التقليدي داخل الفصل وجهاً لوجه إلى التعليم عبر الإنترنت.
ومع كل ما شرنا اليه أعلاه فأن الحاجة ما تزال قائمة للمزاوجة بين الأسلوب الذي كان متبع قبل الجائحة واثناءها وما بعدها، وستكون لنا وقفة مع هذا الموضوع.