سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ جِيرَانِ الْعُمُرِ عَنْ عَائِلَةٍ كَرِيمَةٍ سَطِّرُوا بِمَكَارِمِ اخْلَاقِهِمْ خَيْرَ النَّمَاذِجِ بِالتَّعَامُلِ الرَّاقِي مَعَ الْجِيرَانِ.. عَائِلَةُ الِاسْتَاذِ فَارُوقِ عَبْدَالْحَلِيمِ بَدْرَانَ الْمُمَيِّزِينَ فِي السُّلَطِ.. جَدُّهُمْ هُوَ الصَّيْدَلَانِيُّ الَاوْلُ فِي امَارَةِ شَرْقِ الَارْدُنِّ ابْوهِشَامٍ حَيْثُ دَرَسَ الصَّيْدَلَةَ بِجَامِعَةِ حَلَبَ وَفَتْحَ صَيْدَلِيَّتِهِ خَلْفَ الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ بِالسَّلَطِ ..وَكَانَ يُرْكِبُ الْادَوِيَةَ بِنَفْسِهِ اعْتِمَادًا عَلَى مِيزَانٍ دَقِيقٍ لِمُعَايَرَةِ الْمَوَادِّ.. دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَجُوزٌ مَرَّةً وَهُوَ يُوزِنُ الْمَوَادَّ عَلَى الْمِيزَانِ الدَّقِيقِ لِيُرْكَبَ احْدَ الْادَوِيَةِ فَقَالَتْ لَهُ ايْ طَبْشُهُمْ شَوِّي يَا زَلْمَهُ وَخَلِّي ايْدُكِ سَخِيهُ وَلَا تَعْلَمُ انْ نَجَاحَ تَرْكِيبِ الدَّوَاءِ يَعْتَمِدُ عَلَى دِقَّةِ الِاوْزَانِ..
وَلَابُو هِشَامٍ تَارِيخَهُ الْمُشْرِّفِ فِي عِلَاجِ النَّاسِ وَدَقِّ الْحَقْنِ وَعِلَاجِ الْمَلَارِيَا وَالْكُولَارَا وَلَهُ تَارِيخُهُ الْمُمَيِّزُ كَابْرَزِ الْمُؤَسِّسِينَ لِلْحَرَكَةِ الْاسْلَامِيَّةِ فِي السُّلَطِ وَالَارْدُنِّ وَلَهُ تَارِيخُهُ النِّضَالِيُّ بِالْجِهَادِ فِي فِلَسْطِينَ وَعِلَاجِ الْجَرْحَى الْمُقَاوِمِينَ لِلِاحْتِلَالِ..
امًّا عَنْ جَارِنَا الاستاذ فاروف ابَا عُمَر مديرُ السلطِ الثانوية ومديرُ تربية البلقاء السابق فَهُوَ خَيْرٌ خَلْفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ فَلَقَدْ كَانَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْفَاضِلَةُ امْ عُمَرَ مَشَاعِلَ لِلْعَمَلِ الْخَيْرِيِّ وَالِاغَاثِيِّ وَكَانُوا خُدَّاماً لِجِيرَانِهِمْ وَعَوْنًا لَهُمْ بِكُلِّ فَرَحٍ وَتَرَحٍ.. وَنَمُوذَجًا لِلتَّوَاضُعِ وَاحْتِرَامِ الْغَيْرِ ..
كُنَّا مُسْتَأْجِرِينَ عِنْدَهُمْ الطَّابَقُ الَارْضِيُّ وَلِمْ اُذْكُرْ فِي يَوْمٍ انَّا شَعَرْنَا بَانًا مُسْتَأْجِرِينَ وَلَسْنَا اصْحَابَ مَكَانٍ .كَانَ لَابُو عُمَرَ زِيَارَةٌ دَوْرِيَّةٌ لَنَا يُجَالِسُ فِيهَا وَالِدُنَا وَيَتَبَادَلُونَ الْحَدِيثَ.. وَعِنْدَمَا كَانَ ابُو عُمَر يَمُرُّ بِالْحَارَةِ قَادِمًا مِنْ عَمَلِهِ كَانَ يَقِفُ وَيَقْبَلُ كُلَّ ايَادِي الْاطْفَالِ الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِالْحَارَةِ وَيُمَازِحُهُمْ وَيَتَكَلَّمُ مَعَهُمْ ..
امًّا فِي بَيْتِهِ فَلَقَدْ كَانَ مُلْتَزِمًا مَعَ افْرَادِ أُسْرَتِهِ بِالتَّكَلُّمِ بِالنَّحْوِيَّةِ الْفُصْحَى.. لُغَةً الْقُرْآنُ ..وَصَدَّقُونِي وَطُولُ فَتْرَةِ مُجَاوَرَتِنَا لَهُمْ لَمْ نَسْمَعْ مِنْهُمْ صَوْتًا مُرْتَفِعًا اوْ شَتِيمَةً اوْ ايْ كَلِمَةً نَابِيَةً فَلَقَدْ كَانُوا جَمِيعًا مُلْتَزِمُونَ بِعَدَمِ ازْعَاجِ الْجِيرَانِ وَحَتَّى فِي مُنَاسَبَاتِهِمْ ..هُمْ الْجِيرَانُ النَّظِيفِينَ وَاَلَّذِينَ وَعَبْرَ سِنِينَ لَمْ يَرْمُوا بِوَرَقَةٍ فِي الشَّارِعِ وَلَمْ يَفُوتُوا مُنَاسَبَةً لِجَارِ الَا وَتَوَاصَلُوا وَتَرَاحَمُوا مَعَهُ ..
وَكَانَ ابَا عُمَرَ حَرِيصًا عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ عَنْ كُلِّ جَارَةٍ وَكَانَ لَدَيْهِمْ هَاتِفٌ ارْضِيٌّ فِي بَيْتِهِمْ وَفِي حَارَتِنَا الِاقْلَاءُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ هَاتِفٌ، وَكَانَ هَاتِفُهُمْ بِخِدْمَةِ كُلِّ الْجِيرَانِ وَبِأَيِّ وَقْتٍ وَكَذَلِكَ سَيَّارَتُهُمْ ..رَحَلْنَا عَنْ تِلْكَ الْحَارَةِ وَعَزَّ عَلَيْنَا مُفَارَقَتَهُمْ وَبَعْدَنَا بِسَنَةٍ رَحَلُوا هُمُ ايْضًا الَى الْعَاصِمَةِ عَمَّانَ وَلَكِنْ بَقِيَتْ قُلُوبُنَا وَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي الَى تِلْكَ الْعِمَارَةِ وَالَّتِي تَجَاوَرْنَا فِيهَا وَكَانَ لَنَا وَلَهُمُ اجْمِلِ الذِّكْرَيَاتِ النَّظِيفُهُ وَالْبَرِيئَةَ وَالْجَمِيلَةُ ..
تُوُفِّيَ الْعَمُّ ابَا عُمَرَ فِي 2019 وَحَضَرْنَا عَزَائَهُ وَالَّذِي كَانَ مُنَاسَبَةً لِلتَّغَنِّي بِحُسْنِ اخْلَاقِهِ الِاسْلَامِيَّةِ وَاخْلَاصِهِ وَتَفَانِيهِ وَنَظَافَةِ يَدِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ... وَالْقَى اخْونَا الشَّاعِرَ عَوَّادَ الْمِهْدَاوِي هَذِهِ الْابِيَاتِ يَوْمَهَا رَحِمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الدَّاعِيَةَ الْكَبِيرَ ..
الْأُسْتَاذُ فَارُوقُ بَدْرَانَ
وَجَعَلَهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ هُـوَ مَعْــلَمٌ ...
صَحِبَ الرَّعِيْلَ الأَوَّلَا !
١ . هُـوَ مَعْــلَمٌ ، صَحِبَ الرَّعِيْلَ الأَوَّلَا
واليوم - ما أَقْسَى الرَّحِيْلَ - تَرَحَّـلَا
٢ . هُــوَ فَارِسٌ ، بَكِتِ الخُيُولُ فِرَاقَهُ
إِذْ قِيْلَ : (فَارُوقٌ) مَضَى وتَرَجَّــلَا !
٣ . قد عَاشَ في رَكْبِ الدُّعَاةِ حَيَاتَهُ
بَلْ كان في ( الإِخْوَانِ ) دَوماً مِشْعَــلَا
٤ . سَكَنَتْ هُمُومُ الأُمَّةِ الكَلْمَى بِهِ
أَجْرَى لَهَا الدَّمْعَ السَّخِيْنَ وأَسْبَلَا
٥ . قد كان لِلْأَجْيَالَ خَيْرَ مُعَــــــلِّمٍ
رَبَّــــاهُمُ كَيْ يَصْنَعُوا المُسْتَقْبَلَا
٦ . كَيْ يَرْفَعُـوا عَلَمَ الهِدَايَةِ لِلْوَرَى
بِحَضَارَةِ الإِسْلَامِ دَوماً لِلْعُــــــلَا
٧ . ولِــيَبْتَنُــوا صَرْحاً مُنِـيْفاً شَامِخاً
يَبْقَى لِأُرْدُنِّ النَّشَامَى مَنْـــــــزِلَا
٨ . سَلَبَتْ فِلِسْطِيْنُ السَّلِيْبَةُ قَلْبَـــهُ
ولَكَمْ تَغَنَّى في هَوَاهَــا بُلْبُـــــلَا
٩ . ولَكَمْ تَمَنَّى أَنْ يَرَى الأَقْصَى بِلَا
قَيْدٍ .. لِيَبْقَى عِنْدَهُ مُتَبَتِّــــــــلَا
١٠ . كَـرِهَ الصَّهَايِنَةَ اللِّئَامَ .. وحِلْفَهُمْ
ودَعَــا لِتَحْرِيْرِ البِلَادِ مُطَــــــوَّلَا
١١ . ظَلَّتْ لَهُ العَرَبِيَّةُ الفُصْحَى هَوَىً
لُغَةُ القُـرَانِ .. يَعِيْشُهُـا مُتَمَثِّـلَا
١٢ . ودَعَــا الشَّبَابَ إلى العَفَافِ مُيَسِّراً
سُبُلَ الزَّوَاجِ عَلَيْهِمُ و مُسَهِّــــلَا
١٣ . فِيْهِ خِصَـــالٌ طَيِّبَاتٌ جَمَّــــــةٌ
لُولَا الإِطَالَةُ لَانْطَلَقْتُ مُفَصِّـــلَا
١٤ . يا رَبِّ ، فَارْحَمْ مَنْ فَقَدْنَـا مِنَّـةً
وتَكَرُّمـاً وتَلَطُّفاً .. وتَفَضَّــــــلَا
واجْعَلْ لِـ( فَارُوقٍ ) هَنِيْءَ العَيْشِ في
جَنَّاتِكَ اللَّاتِي بِهَا خَيْرُ المَـــلَا
عواد_المهداوي ...وَقَبْلَ عَدْة ايَّام فَقَدْنَا ابْنَ عَمِّنَا ابَا عُمَرَ الصَّغِيرَ عِبْدَالْحَلِيمَ وَالَّذِي اعْتَصَرَ قُلُوبُنَا الْالْمَ عَلَى فِرَاقِهِ ..وَهِيَ دَعْوَةٌ لَانَ نُجَدِّدُ عُهُودَنَا مِنْ جِيرَانِنَا لِيَبْقَى الْخَيْرُ والتوادُ مُسْتَمِرّ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ...
عمارة بدران حي السلام السلط وهي مهجورة كما في الصورة بعد ان تبرعت بها عائلة بدران الكريمة لوزارة الاوقاف