اليوم أتكلم عن أختي انصاف الشيخ حسين
د. حمزة الشيخ حسين
03-09-2023 11:40 AM
كم هو جميل الأعتراف بالجميل وذكره بعد عشرات السنين ؛ كيف يمكن نسيان المعروف عند البعض ، ونكرانه عند البعض مع أن مجرد تذكره وذكره يعطي للنفس البشرية الراحة التامة والشعور الممتلئ بالحب والود لمِن صنع المعروف .
كُنت طفلاً صغيراً وأخواني أيضاً لعائلة كثيرة العدد لا يقوى والدنا على دفع مصاريف الدراسة، والأمور الأخرى اللازمة لهذه العائلة فكانت أمي رحمة الله عليها وأدخلها الله في الفردوس الأعلى تساعده بالمصروف البيتي بعملها في الخياطة فقد كانت إمراة شامية مدبرة رزينة ربتنا على مكارم الأخلاق مع والدي رحمه الله .
فكبرت أختي انصاف وأصبحت أستاذة في اللغة العربية قديرة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي فما كان مِنها إلا أن أخذت على عاتقها مساعدة أهلها فقد كانت أمد الله في عمرها أعواماً مديدة تقوم بتدريسنا ورعايتنا مع والدتي حق الرعاية فلم تبخل علينا بشيً أبدًا فما أن نطلب مِنها أي شئ ، ونحن أطفال كانت تحضره لنا عن طيب نفس .
أذكر عِندما كنت طفلاً ولم يبقى للعيد سوى يوماً واحداً فقط ، ولم يتم شراء ملابس العيد لنا لعدم توفر المال اللازم لذلك إلا ان الله يسر ذلك على آيادي أختي انصاف وتم شراء مستلزمات العيد، وبعد مرور عقود طويلة لا زال طعم ، ولذة شراء ملابس العيد أسوة باقراني باقية في ذهني ليومنا هذا ..
رأيتها منذ فترة وهي نائمة في منزلي فنظرت إليها وقلت في نفسي ماتت أمها لهذه العظيمة ومات زوجها منذ برهة قصيرة ، وهي مستلقية الان نائمة لا أب لها ، ولا أم ، ولا زوج (الحمد لله لها أبناء) …
يا ويلي إذا لم أكرمها وأبجلها ، وهي كبيرة في السن ، والقدر فلا نامت عين كل جاحد ناكراً للمعروف .
كم هو جميل ذكر المعروف فهذا الذي يبقى خالداً بعد فناء الناس ، وتبدل الديار والأحوال .