في عام 1986 زرت مصر مع المركز الريادي للمتفوقين في إطار البرنامج التثقيفي للمركز، تقريبا ستون شابا من السلط بعمر الربيع ذهبنا لنعرف دولة قريبة من جغرافيا قلوبنا، كل شيء كان مبهرا لنا، الناس الذين تعلقوا بباب "الأتوبيس" عددهم كان يتجاوز "حمولة كوستر عنا"، العشاء في مطعم البرج الدوّار، الأهرامات، كل شيء كان اجمل من ان يوصف، بعض الوجوه تلمح فيها تقاسيم الفراعنة الذين تركت تماثيلهم تقريبا في كل زاوية من القاهرة، أما الأهرامات...فيجب ان تلمسوا حجارتها لتعوا ما اقول.
إلا ان ذلك كلّه طغى على جماله وتخطّاه بألف مرحلة أهل مصر الطيبين، كل الحكايات، والمسلسلات والافلام كلها كذب فأهل مصر أجمل من كل ذلك، مصر ليست أهراما ولا شرم شيخ، ولا شارع هرم، وبالتأكيد ليست نكتة يلقيها عادل امام، مصر قد تكون ساعة طبق "كشري" يسد جوعك ويعيدك للحياة، أو نفس "شيشة" يمتص مع زفيرك كل غضب الدنيا، أو كاسة شاي تعيد فيها حساباتك وتحاسب فيها نفسك من جديد، في مصر نخوة لن تجدها في أي مكان على وجه الارض، هي حكمة رب العالمين بأن جعل مقام الحسين في مصر ربما حتى لا ينسى أهلها كيف يكون الصبر... ومن أفضل من شهيد كربلاء لتتعلم منه الصبر على البلاء.
لا يتفق ان تكون دولة مثل مصر وبعدد سكانها وتعاني من الفقرفي نفس الوقت...لا يتفق ان تكون دولة يخترقها النيل وتعاني من الفقر...لا يتفق ان تكون دولة صدّرت العاملين والفنيين والجامعيين والأساتذة والأطباء وتعاني من الفقر...الدولة التي بنى أهلها كل الوطن العربي...لا يجوز ولا يتفق ان يهدمها الفقر.
لكن أم كلثوم قالت أن "للصبر حدود" واليوم أهل مصر الطيبين يرفضوا أن يكونوا مطيّة مباركة لأحدهم وهم ككل أهل الوطن العربي يعرفون أن سبب فقرهم الرئيس هو وجود أناس في السلطة يقرفصون على صدورنا وهم بلا رسالة...
ستنتهي الانظمة الفاسدة في الوطن العربي...وستظهر الحقيقة وراء الرئيس وسنشاهد فلم "أيوه يا وديييييع".
qusainsour@yahoo.com