أنتجت الحروب على مر التاريخ كوارث ومآسٍ اجتماعيّة أثرت في الدراما الغربية وتجاهلتها الدراما العربية، رغم أن العرب خاضوا حروباً فُرضت عليهم على مر العصور .

أثرت الحرب العالميّة الثانية بكُتاب الدراما الغربيين فظهرت مسرحيّة أبلغ بكثير من مسرحية أفول القمر لجون شتاينبك ولكنها لم تأخذ شهرتها .. لخصها أديب العربية طه حسين بكتابه من أدب التمثيل الغربي .

جنديان ألمانيان يقعان في اسر الاتحاد السوفيتي متأكدان من الموت بالإعدام، ينتظران في زنزانة واحدة ويتسليان بالذكريات عن الطفولة والشباب والعائلة، يبوح برايان لزميله هنري بأسرار حياته الاجتماعية، وأدق التفاصيل عن علاقته بزوجته برتا، يحفظ هنري كل ما باح به برايان عن حياته بأدق التفاصيل، حتى اسم ومكان البقالة المجاورة التي كان يتسوق منها .

يقوم الروس بنقل برايان الى معتقلات سيبيريا ويبادلون هنري مع آخرين بأسراهم لدى الألمان، يعود هنري الى ألمانيا ليكتشف أن منزله دمر بقنابل الحلفاء ولم يبق من عائلته أحد، يعلم بسلامة عائلة برايان ومنزله، يغير من شكل وجهه بالحروق ويدخل بيت برايان بصفته الزوج العائد من الأسر، ترتبك الزوجة ولا تصدق أن هذا زوجها ولكن حديثه عن أدق التفاصيل في حياتهما قبل وخلال الحرب تقنعانها ببطئ حتى تتقبل هنري في بيتها وفراشها .. تنجب منه طفلا يملأ حياتهما فرحا ولكنه فرح قصير ..

قرر ستالين أن يوفر طعام الأسرى وملابسهم وحراستهم لإطعام شعبه الخارج من الحرب، أطلق جميع الأسرى.. تنتهي المسرحية بعودة برايان الى بيته تاركة للمشاهدين تخيل توابع المأساة الانسانية التي خلفتها الحرب الكونية الثانية ..

في الألفية الثالثة انتجت السينما الأمريكية حكاية من نتائج أفغانستان بعد هدم برجي التجارة في نيويورك، يقع النقيب سام في أسر الأفغان ويشك الجيش بموته .. شقيقه تومي كان يتردد على منزله للاطمئنان على العائلة ( زوجة وطفلين ) تنتج الزيارات علاقة بين تومي وزوجة شقيقه ... تقوم مشاة البحرية بهجوم على أحد مواقع الأفغان فتحرر سام من الأسر .. يعود مهزوما من الداخل لأنه أرغم على قتل زميله بالعصا بطلب من الأفغان مقابل حياته.. تزداد معاناته عندما يعرف علاقة شقيقه تومي بزوجته.. بعد جلسة الطب النفسي يطلب الى قيادته أن تعيده الى افغانستان لأنه يفتقد رجاله الذين قاتلو معه، ينفجر صراعه مع زوجته في البيت أمام طفلتيه ويزداد غضبه عندما يدخل شقيقه تومي في تلك اللحظة .. يتطور الأمر حتى تتدخل الشرطة بطلب من الجيران يخرج سام حاملا مسدسه .. يوجهه مرة الى رأسه ومرة الى زوجته وشقيقه وثالثة الى الشرطة التي تعرفه كبطل قومي.. يصرخ بهم عن اي بطل تتحدثون؟؟..

قلنا إن الدراما العربية تجاهلت كل الكوارث والمآسي التي وشحت حياة العائلة العربية من زوج وزوجة وأطفال وآباء وأمهات، وهي لا تقل بشاعة عن ما طرحته الدراما الغربية.. حتى المخدرات التي تتصدر الصحف العربية كل يوم.. لم تقترب الدراما العربية من ضحاياها وجهود رجال مكافحتها.. واذا وردت في السينما الامريكية او الاوروبية وهي كثيرا ما تكون موضوعا لفيلم يعرض على الشاشة العربية الصغيرة .. فالترجمة ممنوعات بدلا من مخدرات، وكأن المشاهد العربي غبي لا يفرق بين كيس الهيروين الابيض بأيدي الممثلين والسكر والطحين!..