facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجوكر وسِفْر الأوهام


د. نعيم الملكاوي
02-09-2023 01:54 AM

عندما ترسو مراكب الأفكار على شواطئ البحث والالهام ، وتنغمس روح الاسكتشاف في خيوط الزمان ، تنبعث أمامنا شخصيات ترقصُ أسماءها بأحرف من الألوان الباهتة ، تحمل في طياتها تفاصيل حياتنا كالكوابيس المتجسدة في سماء الإدراك والفهم . وفي تلك المسرحية المعقدة ، نجد أنفسنا أمام شخصية تستحق أن تُجسد بأعمق تفاصيلها ، كرمز للخداع والتناقض ، تعزف لحن الغموض بمهارة ، تجعلنا نتساءل عما يكمن وراء أقنعة هذا الانسان .

في عمق اللوحة التي نرسمها عندما نختبر حدود الوعي ونركب أمواج الحقيقة ، تظهر أمامنا لوحة تستحوذ على العقل وتغزو الخيال . هنا تُجسد تلك الشخصية كرمز للتعقيد والتناقض ، ترتقي بأفكارنا إلى آفاق لم نتخيلها يومًا، وتدفعنا لاستكشاف ما وراء الأقنعة التي ترتديها .

وفي هذا المفهوم المليء بالغموض تتحول الأضواء نحو "الجوكر " ، هذا الشخص الغامض الذي يعبر الحدود والأدوار كما يشاء ، كإنسان يمشي على حافة بين الواقع والخيال . يمكننا أن نراه كمسافر نجمي يتجول في عوالم الفضاء ، كرحالة طائر بين بُعد الواقع وضباب الخيال .

يأخذنا هذا المقام الغريب إلى أرض يتناغم فيها الظلام والنور، حيث ينشغل الجوكر السياسي بالمناورة بين مختلف الأدوار والمناصب . تأتي هذه الشخصية ببيان ذاتي يؤكد أنها تعرف جوانب السياسة والإدارة والاجتماع بمهارة ، فلو اجلسوه على البحر لكان امهر من يلعب بالصنارة ، فيلقي بنفسه بين احضان اللاعبين كقيمة متعددة الأوجه وفي جعبته كل الاوراق . فكل من يرى النور يعرف أن الجوكر هو الشخص الذي يستطيع تولي مهام متعددة في مجال السياسة والإدارة بسلاسة ، كما لو أنه ولد متمرسًا في هذا العالم ويمتلك الوان الشطارة .

فبينما يُعتقد أحيانًا أن الجوكر هو مجرد محارب ضد الشر، تتفجر من داخله حقائق نواياه الخبيثة ، ليكشف عن هويته المعقدة والمشوبة بالغموض . كما هو الحال في فيلم " The Dark Knight فارس الظلام " ، يتماهى الجوكر مع الظلام نفسه ، ويبث الشر في وجه الخير، مختلطًا بين الأفكار المتناقضة والأهداف الخفية .

تظهر شخصية الجوكر السياسي كمفترق طرق بين الوجهين ، فهي تتجاوز حدود السياسة والإدارة بينما تحمل قيمًا ضدية وأهدافًا غامضة. فهو يتغنى بالتكيف مع تحولات الساحة السياسية ، ويستخدم الضحكة كغطاء لأجنداته المظلمة ، إنه الشخص الذي يستعرض وجهًا للجمهور، ويحتفظ بالجزء الآخر مخفيًا ، مما يخلق ألغازًا لا يمكن تفسيرها بسهولة .

في تلك اللحظات الفارقة ، تتشابك الحقيقية والزيف بشكل معقّد ، مما يثير تساؤلاتنا عما وراء الأقنعة . تنداح أمامنا شخصية الجوكر السياسي كمحاكاة للتناقضات الحية في عالمنا ، حيث يتداخل الخير والشر في رقصة دائمة ، وهذا يدفعنا للتفكير في طبيعة السلطة وكيفية تأثيرها .

هذه الشخصية تشير إلى تعقيد الإنسان وتنوعه ، حيث تمثل طياتها الأبعاد المتعددة التي يمكن للإنسان أن يحملها. ورغم كل هذا التعقيد والضبابية ، يظل السؤال الأساسي حائرًا:

هل يمكن لهذا الجوكر السياسي الاستقرار في محيط مليء بالمتغيرات ؟

هل يمكن لشخص واحد أن يجمع تحت راية واحدة خبرات الإدارة والسياسة في كل مجالات الحياة ؟

هل يمكن لشخص أن يتصدى للتحديات المتعددة دون أن يكون لديه تخصص واضح ؟

وهل هذا النوع من الشخصيات يعمل من أجل الصالح العام أم أنه قد يزعزع استقرار المجتمعات ويثير الشكوك والارتباك ؟ فكل ما يتركه وراءه لا يمكن الإصلاح وينطوي عليه آثار سلبية تستمر لفترة طويلة .

إذا كان هناك جوابًا واضحًا لهذه التساؤلات ، فالجواب معقداً . مع ان التنوع والمرونة قد تكون مفيدة في بعض الحالات ، ولكن الخبرة المتخصصة والتفرغ لمجال معين لا يمكن استبدالهما او الاستغناء عنها . القادة الحقيقيون يجمعون بين قدرتهم على التكيف وفهم السياقات ، مع التفرغ للتخصص والتعمق في مجالات محددة .

في النهاية، يبقى الجوكر السياسي تمثيلًا لتشابك الألوان والأشكال في حياتنا ، لكنه ليس الحل للتحديات الحقيقية . فعلى الرغم من أنه يمكن أن يلعب دوراً في بعض السياقات ، إلا أنه لن يحل محل التخصص والاستقرار الذي تحتاجه السياسة والإدارة .

وكما تتداخل ألوان الفن على لوحة الفهم ، تتداخل تلك الشخصيات في ساحة الحياة لترسم لوحة معقدة من الجدل والإيهام . وعلى ضوء تلك الشموع ، نستمر في البحث والاستكشاف ، لنفهم أعماق الإنسان وأبعاده المتعددة ، ولنجد الإلهام في رحلتنا المستمرة عبر أروقة الزمان وتيه الجدران ، فالأوطان تبنى بالسواعد والجهد الصادق وليس بالأوهام على خيوط الخيال والتناقضات الاستعراضية ، فحياتنا ليست افلام ولسنا بحاجة الجواكر ولسنا اهلا بباتمان بل نريد انساناَ يرفع البنيان بإخلاص و تفانٍ .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :