منذ جائحة كورونا وتعبير «تقطع و/ أو تعطل سلاسل التوريد» يطفو على سطح الاحداث، ولا تكاد نشرة اخبارية او تقرير مقروء أو مسموع أو مرئي أو حتى تحليل لخبير اقتصادي الا ويكرّر مقولة «تقطع أو تعطل أو توقف سلاسل التوريد»، والتي تعد واحدة من أكثر تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية سلبية على اقتصادات العالم.
هذا (عالميا).. أمّا (محليا) فأكاد أزعم أننا لا زلنا نعاني مما أسميه تقطع في «سلاسل التنفيذ» وهذه المعاناة لا ترتبط زمنيا لا بجائحة كورونا ولا بالحرب في اوكرانيا بل ان هذه «المعضلة» سبقتهما بكثير ولا زالت مستمرة، وهناك ادراك بخطورة هذه المعضلة التي تمثل واحدة من أهم معوقات الاستثمار والتنمية المستدامة والتطور والنمو.. ولها انعكاسات سلبية على كافة مناحي الحياة وعلى رؤى التحديث والاصلاح تحديدا.. ومن هنا ندرك ما يلي :
1 - ندرك تماما أهمية ان يكون جلالة الملك عبدالله الثاني ضامنا وكفيلا للمضي قدما بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.. مما يجعل من «الرؤية» عابرة للحكومات .. وهذه «الضمانة» الملكية السامية تحول دون تعطل سلاسل التنفيذ لما جاء في الرؤية ومبادراتها من أية حكومة كانت وحتى العام 2033.
2 - من أجل ضمان الاستمرارية في تنفيذ مستهدفات ومبادرات الرؤية، والحيلولة دون تقطع او تعطل لسلاسل تنفيذ تلك المبادرات، تم تشكيل العديد من لجان المتابعة لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي بدءا من الديوان الملكي العامر وكذلك وحدة متابعة الرؤية في رئاسة الوزراء اضافة الى (4) لجان وزارية و نحو (20) مكتب متابعة في الوزارات والدوائر الحكومية المعنية بتقديم تقارير شهرية وربعية ونصفية وسنوية، علاوة على متابعة لكل تلك اللجان من قبل وزارة التخطيط والتعاون الدولي.. وكل ذلك من أجل ضمان استمرارية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وفقا لما جاء في برنامجها التنفيذي دون تقطّع في سلاسل التنفيذ يؤدي لاطالة الأمد وتأخر الانجازات.
3 - من أجل بيئة استثمارية جاذبة جاء قانون البيئة الاستثمارية الجديد، ليحول دون أي تأخير أو تعطيل لسلاسل التنفيذ وليعتبر أي معاملات استثمارية مجازة وموافق عليها بعد (15) يوما من تقديم المعاملة في حال تأخر الرد لأكثر من تلك المدة.
4 - ومن أجل سرعة انجاز المعاملات كانت «الرقمنة والابتكار» واحدة من أهم الاهداف الاستراتيجية التي تسعى خارطة تحديث القطاع العام لتحقيقها تبسيطا للاجراءات الحكومية وسرعة انجاز المعاملات خدمة للمواطنين، وبعيدا عن الروتين ومعوقات «التنفيذ».
5 - ومن هنا.. أيضا اهتمت خارطة طريق تحديث القطاع العام بمحور «الثقافة المؤسسية»، من اجل تعزيز البيئة الداعمة للتحول والابتكار، وبما يسهم بسرعة تنفيذ خارطة التحديث.
- خلاصة القول.. فإن الاجراءات كثيرة ومتعددة في مواجهة «البيروقراطية» التي تأتي في مقدمة معوقات تنفيذ رؤى الاصلاح، الأمر الذي يستوجب بذل جهد أكبر للحد من البيروقراطية وصولا لازالتها.. فالهدف من جميع البرامج والاستراتيجيات والرؤى هو (تنفيذها).. كي تتحول المبادرات والمستهدفات الى واقع ملموس لدى القطاع الخاص تحديدا والمواطنين عموما.. وكما أن لـ «تقطع سلاسل التوريد» كلفا مالية ضخمة تنعكس سلبا على الاقتصادات، فإن لتعطل سلاسل «التنفيذ» أيضا خسائر تنعكس سلبا على جذب الاستثمارات ورفع معدلات النمو وخلق الوظائف.
الدستور