facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




انثروبولوجيا الديموقراطية والإعلام الشفاف


د. محمد عبدالله اليخري
27-08-2023 04:31 PM

في المشهد المتطور باستمرار للمجتمع الحديث، برزت العلاقة التكافلية بين وسائل الإعلام والحكومة والصحفيين والمواطنين كحجر أساس لا غنى عنه للديمقراطية والتقدم المجتمعي. يعمل هذا التفاعل المعقد كقناة للمعلومات والمساءلة والخطاب، ويجسد قيم الشفافية والتمكين والحوكمة التشاركية. من منظور أنثروبولوجي، يمكن فهم هذه العلاقة من خلال عدسة النظريات المختلفة، مع أمثلة تاريخية منذ القرن العشرين توضح الأهمية المتطورة لهذا الاتصال.

لنستعرض بعض النظريات الأنثروبولوجية في الموضوع:

1.المادية الثقافية:
تؤكد المادية الثقافية، التي طرحها مارفن هاريس، على الظروف المادية التي تؤثر على الممارسات الثقافية. في سياق وسائل الإعلام والاتصالات، أحدثت التطورات السريعة في التكنولوجيا وانتشار المعلومات ثورة في كيفية عمل المجتمعات. فقد أدى التحول من وسائل الإعلام المطبوعة إلى وسائل الإعلام الرقمية، على سبيل المثال، إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى المعلومات، مما سمح للمواطنين بالمشاركة في الأخبار والشؤون الحكومية بشكل أكثر نشاطا من أي وقت مضى. حولت البنية التحتية المادية لأدوات الاتصال ديناميكيات السلطة بين الحكومات والصحفيين والمواطنين، مما أدى إلى تآكل الحواجز أمام الدخول وتمكين مجموعة أوسع من الأصوات من أن تسمع.

2.الوظيفية البنيوية:
بالاعتماد على أعمال إميل دوركهايم، تؤكد الوظيفية الهيكلية على الأدوار الوظيفية التي تلعبها المؤسسات في الحفاظ على التوازن المجتمعي. وفي هذا الصدد، تعمل وسائل الإعلام كوسيط بين الحكومة والمواطنين، وتضمن توازن القوى ونشر المعلومات. يعمل الصحفيون كوسطاء يدققون في الإجراءات الحكومية، ويعززون الشفافية ويخضعون المسؤولين للمساءلة. هذا التوازن ضروري لعمل الديمقراطية، إذ يمكن للمواطنين المطلعين المشاركة بنشاط في تشكيل السياسات والقرارات.

3.النسبية الثقافية:
تذكرنا النسبية الثقافية لفرانز بواس بأن الممارسات تفهم بشكل أفضل في سياقاتها الثقافية. عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام والاتصال، تذكرنا هذه النظرية بأن الديناميكيات بين هذه الكيانات يمكن أن تختلف اختلافا كبيرا عبر الثقافات والفترات التاريخية. فحرية الصحافة، على سبيل المثال، قد تكون لها مظاهر مختلفة في مجتمعات مختلفة، تعكس قيما ومعايير متنوعة. إن الاعتراف بهذه النسبية أمر بالغ الأهمية لتقدير الفروق الدقيقة في العلاقات بين وسائل الإعلام والحكومة والمواطن في جميع أنحاء العالم.

بعض الأمثلة التاريخية في إطار الديموقراطية والاعلام الشفاف:
1.السلطة الرابعة في القرن 20:
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، اكتسب مفهوم "السلطة الرابعة" مكانة بارزة، مما رفع وسائل الإعلام إلى فحص نقدي لسلطة الحكومة. الصحافة الاستقصائية لفضيحة ووترغيت في سبعينيات القرن العشرين، بقيادة الصحفيين بوب وودوارد وكارل برنشتاين، أظهرت قدرة وسائل الإعلام على فضح الفساد ومحاسبة القادة السياسيين.

2.الثورة الرقمية والربيع العربي:
شهد القرن 21 نموا سريعا لوسائل الإعلام الرقمية، كما يتضح من الدور الذي لعبته منصات التواصل الاجتماعية خلال ثورات وانتفاضات الربيع العربي. مكنت منصات مثل تويتر وفيسبوك المواطنين من التحايل على الرقابة التقليدية على وسائل الإعلام، وتضخيم أصواتهم ودفع التغيير السياسي. وهذا مثال على كيف يمكن لتكنولوجيا الاتصالات أن تمكن المواطنين من تحدي السلطة والمطالبة بالتغيير.

3.الأخبار المزيفة وعصر ما بعد الحقيقة:
ومع ذلك، جلب العصر الرقمي أيضا تحديات، لا سيما انتشار الأخبار المزيفة وتآكل الثقة في الصحافة التقليدية. أظهرت حقبة ما بعد الحقيقة كيف يمكن استغلال التفاعل بين وسائل الإعلام والحكومة والمواطنين، مع التأكيد على الحاجة إلى محو الأمية الإعلامية والتقارير المسؤولة.

تقف العلاقة بين وسائل الإعلام والحكومة والصحفيين والمواطنين كحجر أساس للمجتمعات الديمقراطية، مما يسهل تدفق المعلومات والمساءلة والمشاركة المدنية. تذكرنا النظريات الأنثروبولوجية بتعقيد هذه العلاقة، بينما تعرض الأمثلة التاريخية تطورها وتأثيرها. يتطلب التنقل في هذا المشهد جهدا جماعيا لدعم النزاهة الصحفية، وتعزيز محو الأمية الإعلامية، وتعزيز المواطنين المطلعين الذين يشاركون بنشاط في تشكيل مسار مجتمعاتهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :