في المئوية الثانية رغب جلالة الملك عبد الله الثاني في تطبيق اللامركزية في المحافظات حتى يشارك سكانها في صناعة قرارات التنمية المحلية ورفاهية المواطنين وإدارة القطاع المحلي بكفاءة وفاعلية.
وعليه أصبحت اللامركزية موضوع للنقاش والحوار ونتج عن ذلك إصدار قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021 الذي حل محل قانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015 وقانون البلديات رقم (41) لسنة 2015.
مع صدور قانون الإدارة المحلية أصبحت المحافظة منطقة لامركزية؛ أي أنها تُمارس الصلاحيات من خلال مجلس المحافظة لتحقيق التنمية المحلية. وتم تشكيل مجلس في كل محافظة يتألف من أعضاء منتخبين وأعضاء مُعَينين، وتم تخصيص ما نسبته (25%) للنساء.
يتمتع مجلس المحافظة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري حسب المادة (3) فقرة (أ) من القانون .
بداية من الناحية القانونية لايمكن إضفاء الشخصية المعنوية على أعضاء مجلس المحافظة والذين هم أشخاص طبيعيين. الأصل أن يكون للمحافظة شخصية اعتبارية (معنوية) على أن يمارس مجلس المحافظة صلاحياته ضمن المحافظة، وهم بالتالي يمثلوا المحافظة وليس أشخاصهم.
مع ذلك مرت تجربة اللامركزية منذ تطبيقها عام (2015) ومع القانون الحالي بعدد من التحديات؛ نذكر منها:
1. لا يملك مجلس المحافظة صلاحيات وضع الخطط الاستراتيجية لتنفيذ مشاريع يحتاجها سكان المحافظة، وإنما اقتصر دوره التصديق على الخطة الاستراتيجية (إن وجدت) التي يضعها المجلس التنفيذي في المحافظة، مع العلم أن المجلس التنفيذي للمحافظة يتشكل من مدراء المديريات لفروع الوزارات والمؤسسات التي لها علاقة مباشرة باحتياجات المواطنين (كالتربية والتعليم والصحة، الأحوال المدنية والجوازات .... )
ويعتبر هذا التنظيم حسب الفقه القانوني "اللاتركيز إداري".
إضافة إلى ذلك إن ممثلي الوزارات أي المدراء في المحافظات ليس لهم صلاحيات إلا بما يمنحه الوزير المعني لهم.
وهذا في حد ذاته محور شكوى من كافة رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات، أي أن هناك بيروقراطية وعدم الجدية في تنفيذ المشاريع من قبل الوزارات المعنية.
2. قلة الموارد المالية المخصصة من قبل الحكومة لمجالس المحافظات، ولاتكفي لتنفيذ المشاريع في المحافظات سواء كان ذلك في بناء المدارس و/أو ترميمها أو غير ذلك من مشاريع تحتاجها المحافظات.
إضافة إلى ذلك إن موازنات المحافظات صفرية بمعنى أن المبالغ المرصودة في موازناتها ولم يتم صرفها لأي سبب كان لا يتم تدويرها للسنة القادمة وإنما تُحذف.
3. ضعف الاستثمار في المحافظات وخاصة الأقل حظًا في جنوب المملكة والتي تعتبر غنية في مواردها الطبيعية والسياحية.
إن تشجيع الاستثمار في محافظات الجنوب يتطلب من الحكومة قرارات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها مثل إعفاءات ضريبية وغير ذلك من حوافز تشجيعية.
4. ضعف القدرة المؤسسية للمحافظات لذلك أصبحت الحاجة ملحة لبناء القدرات المؤسسية لها من خلال تطوير قدرات ومهارات الأعضاء في العمل الإداري والاقتصادي والموارد التي تحتاجها هذه المجالس لتحقيق التنمية المحلية بعيدًا عن الشخصنة أو التعامل مع خبرات محلية في الإدارة والاقتصاد قادرة على وضع خطط استراتيجية لتنمية المحافظات وتنفيذها بدون عوائق.
5. ضعف الحوار بين رؤساء مجالس المحافظات والإدارة المركزية خاصة فيما يتعلق بتخصيص الموارد المحلية واحتياجات المواطنين في كل محافظة.
6. ضعف توفر المعلومات عن كل محافظة من حيث مميزات كل محافظة سواء كانت سياحية أو مصادر طبيعية بحيث ترشد المستثمرين ومجالس المحافظات على وضع خطط استراتيجية لتطوير المحافظات بحيث ينعكس إيجابيًا على المواطنين.
إن توفر المعلومات أساس لصناعة قرارات سليمة وتقوية الاقتصاد المحلي لتحديد أولويات تنمية المجتمع المحلي والبنية التحتية.
7. المطالبة بوضع قانون لاستعمالات الأراضي للمحافظة على ماتبقى من أراضٍ زراعية لمنع إدخال هذه الأراضي ضمن تنظيم المدن.
إن تحسين حياة المواطين في المحافظات يعزز من روابط المشاعر بين أفراد المجتمع وبالتالي الانتماء للوطن.