الوطن ليس مجرّد كلمة تقال للتعريف عن المنبت ، بل شجرة طيبة وفروعها متعدّدة ، وأُكلها طيّب ، هويّة لنا وحجّة علينا ، نسعى إليها في كلّ حين ، نبحث عن إستقرارها بما أوتينا من نعمة أو حكمة ، لذلك تجد الوطن نسكنه ويسكن فينا ، ونكتب عنه ونعيش مراحله وأيامه ، وتطمئن قلوبنا إذا ما خفقت رايات مجده ، وكان إنموذجاً تاريخيًاً على مر الأيام والسّنين !!
أفراد وعشائر ، أحزاب وحكومات ومؤسسات ، يشتركون بمسؤوليات وأهداف واحدة ، دون " تجرّد " الوطن مهمّة خالدة ، بعدها يكون الإبحار في تحديد الملامح السّياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة والتّنمويّة وكلّ الركائز المهمّة للدولة " ليس مستحيلاً " للحصول على النتائج الفُضلى مما يزيد من تقدّم الوطن على السّاحتين العربيّة والعالميّة .
لا شكّ أنّ عمليّة التّحديث السّياسيّ تأخذ مساحة وافرة في ذاكرة الأردنيين وطموحاتهم ، فلا تحقيق للإتزان والإستقرار بدون تحسين حالة الوطن السّياسيّة وتحقيق مبدأ الديمقراطيّة من خلال الإنخراط بالعمل الحزبيّ والمشاركة في إتخاذ القرار العائد على مصلحة الوطن والمواطنين .
الأحزاب والعشائر الأردنيّة
العشائر الأردنيّة نواة المجتمع الأردنيّ منذ زمن تأسيس إمارة شرقي الأردن عام ١٩٢١م ، ثم قيام المملكة الأردنيّة الهاشمية عام ١٩٤٦م ، ولها دور محوريّ في تحديد معالم المجتمع ومكوّناته وطبقاته وتنميته ، ومن موقعها الرّاسخ عبر التّاريخ ، تشكّل العشائر الأردنيّة ركناً مهمّاً لأي معادلة للوطن ، وساهمت في بناء الأردن والإلتفاف حول قيادته الهاشميّة المظفّرة ، والذّود عن حياض الوطن . لم تكُ فكرة العشيرة عصاً في طريق الأردنّ قديماً أو حديثاً ، ولم تأت فكرة الأحزاب اليوم لتنهي فكرة العشيرة أو القبيلة ، لكنّ هي البحث عن مضمون الرّسائل الجّمعيّة ، والجّهود المكثّفة من خلال برامج حزبيّة وطنيّة فاعلة يقود سفينتها الشّعب ، نحو وطن يتمتّع بمفاهيم الدّيمقراطيّة والسّياسة والتّقدّم وتحقيق رؤى جلالة الملك عبدالله تجاه نظام ديمقراطي متقدّم ينسجم مع تطورات المرحلة عالمياً .
الأحزاب وسيلة قديمة متجدّدة ، يُراد بها الإناء الفكريّ الجّمعيّ المُدبّر ، من الوطن وإليه ، للسير في مضامير الإصلاح والبناء شريطة البرامجيّة والفاعليّة ، بدون محسوبيات وتدخّلات ومصالح شخصيّة ، لتكون الذّراع المحرّك لإنجاح برامجها التي تتقدّم بها ، وصولاً لمشاركتها في الإنتخابات البرلمانيّة القادمة ، وتشكيلها لحكومة برلمانيّة تحمل ثِقل صوت الشّعب وترمي بظلالها على تحسين الإدارة العامّة داخل الدّولة وتطوير سياستها العامّة ، وهذه المهمّة هي الأصعب على الإطلاق ، لضرورة التّجرد من البحث عن المناصب والمكاسب ، لوجود مشروع الوطن نُصب أعينها ، وعندما يتعلّق المشروع بالوطن عامّة ، يتطلّب ذلك الإجتهاد والذّكاء والحكمة ، وتولية الأمر لأهله " أمانة " في الأعناق ، هُنا ، تتقابل المسميّات والمفاهيم ، حزباً و عشيرة ، عندما يفضي الوطن لتحديثات سياسيّة عميقة بحجم التّحديات والفرص التي تواجه الوطن ، نستذكر حينها ما قدمته عشيرة الوطن الواحدة ، بمجهوداتها ورسائلها ومواقفها ، ليكون حِمل الأحزاب أكبر ، ولا مساحة للإخفاق ، ويترتّب على الأحزاب تشكيل البرامج الوطنيّة المتكاملة ، والظّهور بشكل يناسب حجم المرحلة ، وأن يزيد من شفافيّة رسالته عبر قنوات الإعلام ، وأن يقدّم برامج واقعيّة ، والأهم من ذلك إختيار القادة الحقيقيين ، بعيداً عن السعي وراء المصالح الشّخصيّة والمكاسب والمناصب وإظهار الذّات ، لأن كلمة الحزب لن تتحقق بدون مشاركة الشّعب ، ولا تهم فكرة " مسؤول سابق " .
هذا الميدان يعرف رجاله !!
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين.
بقلم : حاتم القرعان