مازالت فلسطين تناضل من أجل الحرية والتحرر وتكافح ضد المحتل وتقود حركة وطنية نضالية منهجية صنوانها العقيدة والإرادة، ومازال الشعب الفلسطيني يكافح بصبر وبسالة لجلاء المحتل عبر مسيرة نضالية اعتبرت الأطول بالتاريخ الحديث إلى أن غدت فلسطين تشكل عند الضمير الإنساني معنى الصمود وعنوان التضحية وكما تشكل على امتداد مسرح الأحداث أيقونة عمل لرمزية نابضة في حركة التحرر الإنساني حتى أخذ الأسلوب الفدائي الذي يميز نهج الثورة الفلسطينية يشكل عند كل الأوساط الشعبية عنواناً للحرية ويشكل نموذجا قيميا لمعاني البطولة والشجاعة.
ولأن حركة النضال الفلسطيني تحمل عناوين قيمية تقوم على مبادىء نبيلة قوامها العدالة والحرية فلقد اصبحت على موعد قريب مع استجابة قدرية كما تصف ذلك الكثير من القراءات بعد حالة الانقسام التي تشهدها إسرائيل في الطول عند النخب السياسية وفي العرض بين الأوساط الشعبية حيث اتسعت الهوة بينها إلى الإنفصال العضوي.
وأخذت الأوساط الرسمية الأوروبية تصف السمة الدالة على إسرائيل بدولة الأبارتايد العنصرية لاسيما إذا ما انتصرت قوى التطرف المشاركة في الإئتلاف الحكومي على التيار اليميني المعتدل الذي يقوده الجيش الإسرائيلي مضموناً والقيادة السياسية بقيادة غانتس ولابيد وهو ما أضعف المحتوى الداعم لإسرائيل أوروبياً وأمريكياً إلى درجة غير مسبوقة منذ قيامها.
وتشير القراءات الواردة من الرحم الإسرائيلي أن المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة ذعر غير مسبوقة ليس نتيجة درجة الإنقسام العضوي فحسب، بل نتيجة العمليات الشعبية الفلسطينية التي وصلت في هذا الشهر 21 عملية نوعية استهدفت المستوطنين وجعلتهم أسرى للأماكن الجغرافية التي استوطنوها بطريقة غير شرعية.
وهو ما يؤكد أن سياسية الفصل بالجدار العنصري لن تخمد شرارة الثورة الفلسطينية كما سياسية العنف لدولة الكيان التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية في إستباحة المحرمات والحُرمات لن تجلب الأمن والسلام في ظل تفاقم هروب الشركات إلى محطات آمنة للحد الذي باتت توصف فيه إسرائيل بالدولة الطاردة للإستثمارات من قبل أحد أهم البيوت الإقتصادية العالمية في نيويورك.
وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للتأويل أن كل محاولات تهرب الحكومة الإسرائيلية من إستحقاقاتها هي محاولات فاشلة ولن يستطيع برنامجها الإقصائي من الالتفاف على القانون الدولي فليس أمام نتنياهو سوى باب واحد يتمثل بإعادة التشكيل والعودة إلى طاولة المفاوضات من جديد هذا ما تتفق عليه كل عواصم القرار وتؤكده كل الإستخلاصات.
وقد لا تخدم كثيراً الزيارة المرتقبة لنتياهو في بعض العواصم الأوروبية بتحسين صورة حكومته ودعم برنامجه السياسي الذي إبتعد فيه كثيراً عن محددات خطوط المناورة السياسية عندما أدخل سياسات حكومته بطريقة عميقة في البرنامج الإيدولوجي للائتلاف الصهيوني التوراتي إضافة لمسالة رفضه التعاطي مع "الروشيته" الأمريكية للإصلاح وهو ما جعله يقبع في خانة محصورة ويعيش ضمن سقف أشبه بالقبر السياسي الخروج منه بحاجة لمعجزة والإستمرار فيه يحمل رسالة الخلود الأبدي.
صحيح أن الإطار العام الفلسطيني غير موحد المداخل لكنه يجمع بكل تياراته على فلسطين العقيدة كما يحترم إلى درجة القدسية حركة النضال الوطني كما يلتزم بالمرجعية السيادية التي تشكل عنوانها منظمة التحرير الفلسطينية وهو ما يجعل الشعب الفلسطيني على موعد مع إستجابة قدرية قد تحمل إنتصارا معنويا مهما من أجل هويته التي طال إنتظار الإعتراف بها كدولة بعضوية كاملة في الأمم المتحدة.
هل ستكون فلسطين الدولة على موعد الإقرار في مجلس الأمن الدولي وتؤكد الإدارة الأمريكية على مبدئية حل الدولتين ضمن القانون الدولي وهي التي أُقر بعهدها قرار رقم "2334" ؟! .. هذا ما ستجيب عنه الأشهر القادمة قبل موعد الإنتخابات الأمريكية.