facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




" الثقافة السلوكية لسلطة الذات بين المجاملة، وكسب ثقة الآخرين"


د. ضرار مفضي بركات
23-08-2023 12:31 PM

إن ضرورة التنبيه على أن احترام (الذات) وبناء الثقة، وضبط النفس، في التصرفات: (قولاً أو فعلاً)، وما بين وصفها بمظهرها الخارجي (الإيجابي والسلبي)من طريق الثقافة السلوكية البناءة والفاعلة، نمواً وتهذيبا، وتربية وتعليما، وألفة بالانخراط الأسري والمجتمعي، والتعليمي، والوظيفي في الحياة اليومية وسوق العمل.. الى جانب أن حدود السلطة والقوة والمنطق في ما توفرهُ مساحة (الـلا) التي تنبثق من قوة ارادتنا، ونتوجّه بها إلى أن تكون مَلَكَة التحكم بالذات الموجودة في كلّ منا، بل هي التي نُوكل إليها مهمة التحكّم برغباتنا وأهوائنا، وإدارة أولوياتنا تحت "سلطة المنطق"، والتي قد نمضي حياتنا بأكملها، ونحن نُغذّيها، ونُربيها، ونبنيها، ونُعزّزها- وأما الثمار التي سنجنيها من تطوير وتوتيد "سلطة المنطق" هي إنتاجيةٌ أكبر في الفاعلية الهادفة؛ لكن تكون ضمن حدود المعقول، وبالتالي إذا استدعى أمر ما، -وحدث خطأ أو خلل، عندها يكون الندم والعتاب قليلاً، مُقارنة بغيره !.
وتقرير هذا يأتي في محاور:
أولاً: أهمية التنبيه على ضرورة احترام (الذات) وكسب ثقة الآخرين، بمنهجية الثقافة السلوكية؛ تهذيباً وإرشاداً:
فالثقافة تُعد نظاماً متكامل من التوقعات، لما يجب أن يفعل الناس من مظاهر الحياة المُختلفة، بحيث تتكون الثقافة من مجموعة من الأنماط (السلوكية) التي يتوقع المجتمع أن يلتزم بها الأفراد.. وبالمقابل تجد أن السلوكيات هي ركن الثقافة وهويتها وأساسها؛ فهي أيضا تعتبر سلوك اجتماعي ومعيار موجود في المجتمعات البشرية؛ لذلك ما يميز ثقافة المجتمع الفاعل عن غيره: هو ما مدى أثر الثقافة على السلوك الإنساني؟!.
ثانياً: ان أهمية الثقافة السلوكية الهادفة غالباً ما تكون سبباً رئيس في التشكيل والتأسيس للوازع والوجدان والضمير الحي للفرد والمجتمع، فهذا هو الدافع الرئيس لضبط السلوكيات؛ ولتقوم على توجيه بوصلة السلوك للفرد أو للمجتمع، وليتحقق بذلك، بأن يكون الفرد والمجتمع كلاهما على قدر المسؤولية والأمانة، والاتقان في الأعمال والأقوال.
ثالثاً: المنهج التطبيقي(سلوكياً) لضبط المجاملة وكسب ثقة الآخرين، ويرجع إلى حالات منها:
الحالة الأولى: المجاملة في حالة الاضطرار، فقد تكون، بــ(نعم أو لا)، لكن كل في موقعهِ كما تقدم.. فالمجاملة، التي تؤدي إلى إظهار الحقوق، أو الظفر بالحق، توريةً؛ خوفاً من عدو، أو قويٍ غاصب، أو أنها تؤدي إلى سير قضية أو مسار حياة عملية، مؤكدة؛ لدفع الحرج أو الضيق؛ فلا بأس منها؛ لأنَّ الأصلَ (دفع الحرج والضرر يدفع بقدر الإمكان).. ومنها: (الضرر يُزال) و(يدفع الضرر بقد الإمكان) و(يُتحمل الضرر الخاص؛ لدفع الضرر العام). فهذا من أعظم القرب لله تعالى، بمساعدة الناس؛ لإزالة الضرر عنهم، أو التخفيف عليهم.
الحالة الثانية: المجاملة المدلسة على حساب الثوابت الاعتيادية، وحقوق العباد، التي تكون بـ(نعم)، أو قد تكون بـ(لا)، فلا تجوز (عقلاً ولا شرعاً ولا قانوناً).. لكن أيضاً تكون كلا في موقعه.
1-عدم مُجاملة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وفد ثقيف، بعدم قوله "نعم"، على ما طلبوه منه بقوله (لا) على بناء المفعول؛ للفاعلية؛ بأن يتموا الأمرَ-قبولاً لا رفضاً- وبالجملة، فمرادهم: أن لا يصلوا مجازاً، وقال جابر: ولم يرخص لهم في ترك الصلاة؛ لأنَّ وقتها حاضر، يتكرر بخلاف، وقت الزكاة والجهاد !. فقال ((صلى الله عليه وسلم)): " لا خيرَ في دينٍ لا ركوعَ فيه ". (أحمد بن حنبل،المسند، 29، 428، (17913).
2-وعقلاً وحكمةً: إن عدم مُساعدة أشخاص بــ(اللا) أو(النعم)؛ وكلٌ في موقعهِ؛ لأشخاص مُجاملةً على حساب الآخرين، سيكون لهُ دورهُ الاجتماعي والوطني، رسماً حقيقياً للشفافية، وحفظاً للحقوق، والتزاماً بالواجبات، فهذا هو التعايش، احتراماً للنظام العام والآداب، والثوابت المعروفة!.
الحالة الثالثة: المجاملة الحقة في خطوط وحدود (اللا) أو ما يقابلها موافقةً بــ(النعم) بمنهجية طرح الأسئلة التالية:
-متى يُقال إننا مغالون في رفضنا؟! .. ومن ذا الذي يدير ظهره لصديقٍ يحتاجه لأنه يريد العمل في حديقة بيته؟.. وما هو الحدّ الفاصل بين تحقيق الذات وبين الأنانية؟!
- ومن ذا الذي يبخل بتقديم يد العون لأصدقائه وما قاموا بهِ من جهودٍ متواضعة؟!
- ومتى تتحوّل مبادئنا الهامة إلى مجرّد معارضةٍ عنيدة؟!
وبعدها لنجد أنَّ هناكّ حالاتٍ تستدعي من المرءِ ألا يُشعر بالحرجِ من التصريح بالرفض، وهذا لا يمنع مما يستلزم الأمرُ فيهِ غالباً، أن تكونِ وفياً لمبادئك وقيمك؛ إذ ليسَ لأحدٍ أن يشُكّكَ في أنَّ العطاء والإحسان، أمرانِ مُهمين: عاطفياً، وروحياً؛ لدورهما البارز في الفاعلية والإنتاج منهما في سياق العمل، فهما لا يُقللان من كرامة صاحبهما، مدام يراعي مهتماً (تقدير الذات، واكتساب ود الآخرين).
كما تُشير الدراسات الاجتماعية من ضرورة ثقافة الحياة اليومية والعملية، من طريق تنظيم السلوك، وتحديد أنماط العلاقة الاجتماعية، ومن ذلك ما أجراها (السوسيولجيون: روجر ماير، وجيمس ديفيز، وإف ديفيد شورمان) في أهمية الإحسان واللطف، في بناء الثقة بين الأشخاص، فهي شرطٌ للفعالية .
رابعاً: الخلاصة مما تقدم هو تحقيق الهدف الرئيس، وهو بناءالشخصية الذاتية، واحترام ود الآخرين من طريق زرع الثقة بالنفس، والعمل على تعزيزها وتأصيلها، سواء من الذات نفسها، أو ممن حولها، ممن يهمهم أن تُعزز هذه الذات؛ لكي تكون شخصية اعتبارية، لها فاعليتها الايجابية، داخل الأسرة والمجتمع والوطن..
وبالتالي، فإنهُ متىَ كانت الذات تفقهُ معنى: (اللا)، متى؟! – وتفقه معنى (النعم)، متى؟! تحققت الشخصية الايجابية؛ لأنها أصبحَت تعرف الغث من السمين، وتبحث عن الحق، ولا تسلم بشيء ما لم تبحث؛ ليس شكاً أو ظناً، بل بحثاً ينعكس حكماً على الشخصية، فكرياً، ومنهجياً، ومسلكياً؛ لكن إعطاء الثقة بالنفس، يُقيد بلطائف جميلة أبرزها: أن لا يفضي إفراطاً إلى الترفع على الآخرين كــ(الإعجاب بالنفس)!.
وأما ما يُناقض هذا الأمر هو (جلد الذات)، بإفراط: كعتاب النفس، أو حتى الآخرين تجاه أو هو تجاههم، فهذا يفضي إن تأصلَ الأمر إلى أن تعيش النفس فيما بعد في صراع داخلي: وهمي، أو شكي، أو ظني، أي: تعيش النفس في دوامة ما يسمى بالوسواس القهري، لماذا لم أقل لا! لو أني قلت نعم ! ..وهكذا يُتعبُ نفسهُ بالعتاب، ويُتعبُ من حولهُ!. .. وفي الحديث قوله (صلى الله عليه وسلم): "احرص على ما ينفعك"؛ "واستعن بالله" " ولا تعجز". (مسلم، الصحيح،(باب في الأمر بالقوة وترك العجز) ج4، 252،(2664).
والشاهد أن - قوله (صلى الله عليه وسلم): "واستعن بالله": من أن الاستعانة كلمة ومعنى رائع بعد قوله: "احرص على ما ينفعك"؛ لأنَّ الإنسان إذا كان عاقلاً ذكياً، فإنهُ يتتبع المنافع، ويأخذ بالأنفع، ويجتهد ويحرص، وربما تغرهُ نفسهُ، فينسى الاستعانة بالله، وهذا يقع لكثيرٍ من الناس، حيثُ يُعجبُ بنفسهِ، ولا يذكر الله -عزَّ وجلَّ- ولا يستعين به!.
- قوله (صلى الله عليه وسلم): " ولا تعجز" يعني الاستمرار في العمل، وعدم العجز، واليأس، وعدم التأخر قُدماً، فهو يحثنا على:
- القوة والعزم والإصرار في الانجاز والعطاء، وتحقيق الرؤى المستقبلية، والأهداف، ذات النتائج المتوقعة.
-الحرص على كل ما ينفع الفرد، والمجتمع، والإنسانية جمعاء، من الفضيلة والخيرية.
-الحرص على منهجِ: (التعلم والتعليم) وتطويرهما، فهما سبيلينِ مهمين؛ للرقي والحضارة؛ ذات: (الأصالة والحداثة).
(الشيخ ابن عثيمين، شرح الحديث،2020م: (https://www.alukah.net/sharia:).
- وبالمعادلة: فطرة سليمة + عقل سليم + ما هو مُهم جداً، وهو التوجيه وبناء الذات من الغير، ومن الذات نفسها أيضاً، كالأب لابنه، والمعلم لتلميذه، والمدير لموظفيهِ كـــ(حقوق وواجبات) = (الإخلاص والأمانة والمسؤولية) = الحضارة والرقي، بـــ(اعتبار الذات، لأجل اعتبار الموضوع)..
- النتيجة عندها؛ إن قال: (لا) يفقهُ معناها؛ لأنه مسئولٌ عنها، والعكس، إن قال: (نعم) كذلك.. لذلكَ هنا تظهرُ مدى قوة وسلطة(اللا)، وقوة الايجابية بــ(النعم)- متى تحصلت الثقة بالنفس، وتوفرت الدراية، سوقاً؛ لتحقيق النتائج النوعية، والهادفة، باستحضار: الحاضر والماضي، مما يكنزهُ من علومٍ ومعارف، وخبراتٍ وتجارب سابقة، كما أن الثقافة السلوكية المكتسبة هي من صنع الإنسان؛ لعمارة الأرض، ولصنع الفاعلية لدى غيره؛ فالثقافة تُشير إلى الوسائل والعناصر والتطبيق العملي للأفكار الجديدة، وفق الإمكانيات والاغراض النوعية الموافقة للمقاصد والثوابت الحية والدائمة؛ ولأن فكرة التفاعل فيما تقدم تُشير إلى إيجابية العنصر البشري وقدرته على التأثير في قوى البيئة المجتمعية السائدة والمحيطة؛ تأثراً : تصفيةً وانتقاء.
والله الموفق لا رب غيره
المرجع والملحوظات:
1-(مسلم،(ت261م)، الصحيح،(باب في الأمر بالقوة وترك العجز) ج4، 1726م: 252، رقم(2664).
2-(الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241)، المسند، 2001م، ص29-30، 428،(17913).
3-(مقال: " أن تقول "لا".. كيف يرسم الرفض حدود شخصيتك ويحميها؟" على موقع شبكة الجزيرة الإعلامية، على رابط: https://www.aljazeera.ne//2017/11/2).
4- (الشيخ ابن عثيمين، شرح الحديث،2020م: على (www.alukah.net/sharia).
5-(البورنو، صدقي، القواعد الفقهية،1998 م: 265 وبتصرف).
6-( Dr. Sabrina Romanoff, PsyD, is a licensed clinical psychologist.- “I’m Not Good at Anything:” How https://www to Combat Low Self-Esteem).
7- مفهوم الثقافة وأهميتها، ومفهوم السلوك، موقع: (www.maktabtk.com).





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :