تدعي واحدة من النظريات العلمية أن عمر الكائن الحي يتناسب عكساً مع عدد ضربات قلبه ، أي كلما كان عدد الضربات كبيراً: كان العمر المحتمل قصيراً ، فقلب الفأر ينبض نبضة في الدقيقة ، والفيل نبضة والإنسان نبضة ، أما العصفور فينبض قلبه الصغير نبضة. وعليه وحسب النظرية السالفة ، سيكون أقصر الأعمار هو العصفور الجميل،.
وبعيداً عن القلوب الكبيرة والصغيرة ومتوسطة الحجم ، لا تروق لي أبداً نظرية عدد ضربات القلب. لكني أخمن أن العصافير قصيرة العمر ، ليس لأن قلوبها تدق كثيراً وسريعاً. ولكن لأنها تحب كثيراً ، وتعشق أكثر ، وتطير أبعد ، وتحلم أكثر ، وتحلق أعلى ، وتمخر عباب السماء بخفة طيف ، ووجيف حلم،.
فلو كانت نظرية عدد الضربات دقيقة وصحيحة: لما انقرض الديناصور مثلاً، ، والذي لم يكن ينبض قلبه إلا بضع مرات في الدقيقة ، لكن الديناصور الأبله انقرض بسبب نقص حاد في الحب ، هكذا أرى،. وظل العصفور عصيّاً على الانقراض ، وظل توأم التحليق والحرية ، ما بقي الأمل،.
وربما للسبب نفسه ، فإن أعمار العشاق قصيرة نزيرة وقليلة أيضاً ، فيجوز أن قلوبهم قد نبضت كثيراً ، ودقت سريعاً من فرط الحب فتعبت وهمدت ، فأرخت أحلامها للريح والسماء ، تماماً كالعصافير التي يتعبها الحب أحيانا ، لكنها لا تكف عن الطيران والتحليق.
العصفور روحه السماء ، وفي السماء. فإذا ما قبضت على عصفور بقبضة يدك: ستشعر أنه كتلة من دم حار ملتهب ، متأجج مثل بركان نشط ، إنك لن تحس بكل نبضة من نبضات قلبه فحسب، ، بل إن العصفور سيكون كقلب العاشق ساخناً كرغيف مقطوف من رحم التنور ، سيكون نابضاً بسرعة لا تدركها يدك. فلا تعد نبضات القلوب،.
فحتى أحلام العصافير ، التي نزدريها أحياناً ، كانت كبيرة وشاسعة ، بحجم سماء سابعة ، وليست بحجم قبضة يد ، ولا على مقاس غرفة لها سقف مهما كان عالياً ، ولا على مقاس إطار يؤطرها ، أو بوتقة تبوتقها ، أو عداد ألكتروني يحسبها على شكل تعرجات في الورق. الأحلام كالمحبة روحها التحليق والسماء. ولهذا إن خفقت قلوبكم سريعاً ، وكان لها ما يشبه وجيف الأحلام ، فلا تخافوا ، فهي نوبة حب مش أكثر.
طابت قلوبكم وطابت أحلامكم.
ramzi279@hotmail.com
(الدستور)