يقول حنا مينا ان العافية النفسية وراحة الضمير وصدق الخلق هي التربة التي تنبت وتنمو فيها شجرة القلب الحمراء.
فأي قلب يحمل هؤلاء؟؟..
بدا الأمر في غاية التسلية كي تستشرس معلمة فوق طفل ضعيف ولا بد للحدث المسلي أن تقوم معلمة ثانية بتسجيله والاحتفاظ به للرجوع إليه حال احتاجت مرة ثانية للضحك،لأن طفلا ً هناك لا قيمة له ولن يعرف كيف يعترض ذو الخمس سنوات، كان فقط يرتجف كعصفور بلله المطر وظلّ يستجدي الأمان في غير موضعه. مربية أطفال تخون الأمانة ولا عزاء للطفولة.
وهنا قصص كثيرة أيضا ً تصحو فيها فزّاعات الشر في وجه الأطفال:
يتكسر صراخ الطفل فوق جدران المنزل، لكن أنينه استطاع العبور إلى نافذتي كنت يوميا أسمعه يستغيث وهي تصرخ ويرجوها أن لا تضربه، اقشعر بدني لبكائه اليومي وحاولت استطلاع الأمر، لقد كان صغيرا ً ومعاقا ً ولم تكن سوى أمه، لقد قررت أن تلجأ إلى أقصر الطرق وأكثرها آدمية للتعامل مع صغيرها المعاق.. التهديد والضرب والحبس!. ما أرّقني أنني لم أعد أسمع بكاءه..؟.
في احد مطاعم الوجبات السريعة تقف طفلة أمام البائع المنشغل بتلبية طلبات الزبائن، تطلب الصغيرة بعض المناديل الورقية أول مرة وثاني مرة وخامس مرة لكنه لا يريد أن يجيب لأنها طفلة لن تحاسبه على اهماله ولن توبخه على تجاوز طلبها إلى آخرين. لفتني المشهد من بعيد فاقتربت من البائع ونبهته إلى طلبها فناولها المناديل بنرفزة واضحة، حين أبديت استغرابي الشديد لأسلوبه في التعامل مع طفل كان رده لا ينقصه المزاجية التي يعتبرها واقعا ً على الغير أن يتحمله..تستغرب كيف يدافع البعض عن خطئهم كما يقول جبران بأكثر قوة مما يدافعون عن صوابهم أو يعتذرون عن أخطائهم.
أدارت الأم أداة التسجيل قبل خروجها إلى العمل، أرادت أن تطمئن أن العاملة الآسيوية تعامل الطفلة بذات الطريقة اللطيفة حين تكون هي متواجدة في المنزل. رجعت من عملها وأدارت التسجيل.. الخادمة تقضي وقتها بالحديث عبر هاتف خلوي، فتطلب الطفلة كوب ماء، تصرخ الخادمة في الطفلة بصوت مرعب وتهدد أنها ستلقي بها في كيس الزبالة إن لم تذهب إلى غرفتها.
هذه قصص يومية لمعاملة الأطفال لكن هناك ملفّات كبيرة وكثيرة جدا ً حول استغلال الأطفال أو تعنيفهم أو تعذيبهم أو ترهيبهم لأن الجاني غير عابئ بنواقصه، يصب اعتلاله النفسي فوق طفل ضعيف يدرك أنه لا يعرف كيف يدافع عن نفسه أو يسترجع حقه.
لا شيء يثير الغثيان أكثر من التعرض لطفل، وليس أبشع من العنف ضد الأطفال إلا السكوت عنه.
(الرأي)