الطائرات المُسيرة الأوكرانية-الغربية .. خروج عن أخلاق الحرب
د.حسام العتوم
21-08-2023 12:31 PM
في العام الثاني للعملية الحرب الروسية الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة تكررت الغزوات الأوكرانية للمُسيرات الطائرة من طرف " كييف " العاصمة و المصنعة في الغرب ووصل مداها لجسر القرم ، و لمدينة " فارونيج " الروسية جنوب العاصمة موسكو ، و لمدينة " بيلغاراد " المحاددة لأوكرانيا ، و لمدينة " نوفغاراد " على مدخل مدينة " سانت بيتر بورغ في الشمال ، و للعاصمة موسكو نفسها ، وحتى لقصر " الكرملين " الرئاسي ، وهي التي يطلق عليها باللغة الروسية " دروني" ، و خلطت بين الأهداف العسكرية و المدنية ، فالعاصمة موسكو ليست هدفا عسكريا ، و المدن الروسية الأخرى كذلك ، و جسر القرم ليس هدفا عسكريا أيضا ، و ميدان العملية العسكرية الروسية الخاصة / الحرب الأوكرانية – ومع " الناتو" على حدود " الدونباس " و " القرم " ، و موسكو ليست هي من بدأت الحرب ، و جاءت عمليتها العسكرية التحريرية بتاريخ 24/ شباط / 2022 بقرار جماعي لقصر " الكرملين الرئاسي " بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين و ليس بطريقة فردية ردة فعل مباشرة على الثورات البرتقالية و على انقلاب " كييف " غير الشرعي عام 2014 ، و لمواجهة جريمة الحرب التي ارتكبها نظام " كييف " في الدونباس متسببا في قتل و تشريد أكثر من 14 الفا من الأوكران و الروس ، و جذور الحرب الأوكرانية فعلا بدأت في "واشنطن " بعد تحريكها للجمر " البنديري " تحت رماد انهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 .
و المُسيرات الأوكرانية الغربية المصنعة في الغرب لا تنطلق في الغالب من خلف الحدود الروسية ، أو من داخل " كييف " العاصمة ، ولكن من داخل الأراضي الروسية ، و تحديدا من داخل المدن الروسية ، ومن داخل العاصمة موسكو ، وهو الأمر المحتاج لدقة نظر ومتابعة حثيثة ، و التصدي الروسي العسكري و التكنولوجي للمسيرات هذه جار على قدم وساق ، وهدف المُسيرات الإزعاج و احداث موجة من الغضب الشعبي داخل المجتمع الروسي ، وهو الذي يقابل من قبلهم بسخرية و ازدراء ، و استخدام المُسيرات و بهذا الشكل غير الحضاري و الملاحظ يشبه ما نطلق عليه في شرقنا العربي " اللي مش قادر على الهوش بتلثم " ، وميدان القتال الحقيقي للعملية / الحرب معروف ، و هذه الحرب تختلف عن الحربين العالميتين السابقتين " الاولى و الثانية 1914- 1918 / 1939 – 1945 ، فسابقا اشترك المواطنون في الحرب ، و عاشوا الحرب بطولها و عرضها ، ومن قتل و جرح و استشهد كانوا من المواطنين أيضا و ليس من العسكر و الضباط فقط ، وفي هذه الحرب أي الروسية – الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة تم الفصل بين المواطنين و الحرب و العسكر خارج اطار التجنيد الطوعي طبعا ، و يلاحظ في الداخل الروسي الموطن يمارس حياته الطبيعية ، فلماذا تستهدفه المُسيرات الأوكرانية الغربية – غربية الصنع اذا ؟..
ليس من حق الغرب محاكمة روسيا و توجيه عقوبات اقتصادية ضدها ، و الحقيقة يصعب تغطيتها بغربال ، و الأصل أن يتم محاكمة الغرب الأمريكي كله لتوجيه سلاحه وماله و مُسيراته تجاه العاصمة " كييف " و بحجم تجاوز 200 مليار دولار بهدف تحقيق نصر ، هو في واقع الحال سرابي ، و تركيز غربي على نشر الإزعاج و الفوضى وسط حياة بسطاء الروس و الأوكران و باقي القوميات الأخرى القاطنة لروسيا و المسالمة ، و بالمناسبة الشعب الروسي ناشط في مجال السياحة الداخلية في زمن الحرب ، فتراه على أطراف المحيطات و البحار الأنهار ، و البحيرات ، وفي الغابات ، ومعظمهم لا يتحدثون السياسة ، ومنهم من يسمع بالحرب و كأنها في دولة غير دولتهم ، و المقاهي و المطاعم و المراقص عاملة ، و يعتبر المواطن الروسي فترة الراحة و السياحة مُلزمة لبرنامج حياته السنوية ، و الروس و الأوكران يعيشون حياة اجتماعية متداخلة طبيعية ، و يلتقون في المحال التجارية ، وفي مناسبات الأفراح و الأتراح ، وفي السفر .
لا ضرر كبير من المُسيرات الأوكرانية الغربية -غربية الصنع- لكنها مؤذية و تهدف لنشر الرعب ، و لتشنيج حياة الروس ، لكن التصدي الروسي العسكري و التكولوجي ماثل و قوي ، و تعطيل احترازي روسي لبعض المطارات الداخلية مثل " فنوكوفا " ، و " دوموديدوفا " لفترة مؤقتة من الزمن ، و للحرب أخلاق يتمسك بها الجانب الروسي لدرجة عدم الرد على الغرب الأمريكي بمُسيرات مماثلة ، و لروسيا علاقات عسكرية مع العديد من دول العالم شرقا و جنوبا ، و تستطيع تحريك مسيرات صينية و كورية الصنع لو رغبت ، و ان أوان الألتزام بأخلاقيات العملية المحدودة / الحرب وعدم الذهاب لتوسيع ميدانها تجاه التخريب ، و لا توجد حرب لم تنتهِ الى سلام وتنمية شاملة ، واذا كانت " كييف " العاصمة التي أضاعت فرص السلام عبر الحوار و اتفاقية " مينسك " تحارب موسكو بطريقة المُسيرات ، و تدافع عن سيادتها ، فإن روسيا حركت المادة القانونية رقم 751 من مواد ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن سيادتها و بالإرتكاز على أحقيتها بالتاريخ المشترك الروسي – السوفيتي في موضوعي القرم و الدونباس و سيادة أوكرانيا، و يبقى الغرب الأمريكي هجينا على الحرب ، و لا ناقة و لا جمل له فيها .
روسيا حركت عمليتها العسكرية التحريرية الدفاعية الاستباقية المحدودة قبل أكثر من عام لتدافع عن سيادتها مباشرة وبالتصدي للجيش الأوكراني و التيار البنديري المسلح ، و للمرتزقة الأجانب ، و لا تعتبر عمليتها حربا ، و هي بالنسبة لها ليست حربا على الأوكران ، ولا تهدف للإحتلال ولا للعدوان كما يُشاع ، ولا تعتبر بأن عمليتها موجهة ضد الغرب ، لكنها تملك أحقية تدمير السلاح الغربي الذي يجتاز الحدود الأوكرانية صوبها ، لذلك لا نراها داخل أراضي الغرب ، و "كييف" تعتبر بأن جيشها وبتعاونها مع سلاح الغرب و بتلقي التمويل المباشر منه بأنها تحارب روسيا بهدف الحصول اعادة سيادتها في القرم و الدونباس التي فقدتها في هذه الحرب ، و المعروف هو بأن الجانب المحرك للحرب و يخسر الأرض التي منحت له عبر التاريخ المشترك المعاصر يصعب اعادتها ، و درس اعتداء اليابان على الإتحاد السوفيتي نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وخسران اليابان لجزر "الكوريل" و الى الأبد ليس ببعيد ، والغرب الأمريكي الذي يحارب روسيا بالوكالة عبر "كييف" يقتنص فرصة عداء نظام أوكرانيا السياسي وتياره البنديري لروسيا ليحول أوكرانيا لمحرقة ، وليتطاول بأريحية على روسيا عبر الدفع بسلاحه الحديث و أمواله السوداء و طائراته المسيرة، لكن نتيجة العملية / الحرب حسمت لصالح روسيا بضم اقليم القرم و أقاليم " الدونباس " عبر صناديق الإقتراع و الحماية العسكرية ، وهو نصر علني يرافق انتصار روسيا بتشكيل عالم متعدد الأقطاب قوامه شرق و جنوب العالم ، وهو الأمر الذي ينذر بقرب انهيار أحادية القطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .