صادف يوم أمس ذكرى احياء اليوم العالمي للعمل الإنساني، هذا اليوم الذي يهدف الى تسليط الضوء على جهود جميع العاملين في المنظمات الإنسانية حول العالم ، الذين يقدمون جهودهم وعطائهم من خلال مد يد العون لكل المحتاجين حول العالم ممن يعانون من الفقر الجوع والجهل والتهجير ايضاً بسبب الحروب الدامية ، هولاء العاملين هم بطبيعة الحال محايدين اي انهم ليسو جزءاً من النزاع بل ينحصر دورهم في تقديم الإغاثة الانسانية في الدول التي تعاني من حروب دموية او من كوارث و أزمات كالزلازل والكوارث الطبيعية الاخرى ، رغم كل الصعوبات و التحديات التي يواجهونها سواء اكان من خلال تعمد وضع العوائق امامهم و من عدم تهيئة المجال لهم للقيام بمهامهم الإنسانية او بصورة ما شهدناه في السنوات الأخيرة من خطف لهولاء العاملين لا بل وأن بعضهم قد دفع حياته ثمناً لعطاءه في هذا المجال المحفوف بالمخاطر على اكثر من صعيد .
وقد اختارت الأمم المتحدة الإحتفال بهذا اليوم تكريماً لضحايا الهجوم الدموي الذي أودى بحياة اثنان و عشرون شخصاً في مقرها بالعراق عام 2003، كان جل هولاء هم من عمال الإغاثة الإنسانية ممن كانوا يكافحون من أجل التخفيف عن الشعوب الآلامها اثناء الكوارث الطبيعية او التي هي بفعل الإنسان ، فخلدت الأمم المتحدة ذكراهم للدعوة الى ضمان سلامة العاملين في هذا المجال و للمحافظة على ارواحهم وأمنهم، فهم ليسوا هدفاً بحسب القانون الدولي الإنساني، وكونهم يعملون في عمق الأماكن المنكوبة وعلى الخطوط الأمامية للنزاعات يوجب تأمين الحماية لهم من القتل والخطف حتى يقوموا بمهامهم الإنسانية دون عوائق او تهديد .
ولا يقتصر العمل الإنساني على الأفراد، بل يمتد ليشمل الدول حول العالم المؤمنة بقيم العطاء الإنساني التي تمد يد العون والمساعدة لحماية الارواح والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وقد كان للأردن وبفضل قيادتك الهاشمية الحكيمة دوراً بارزاً في العمل الإنساني والذي شكل على مدى عقود مثالاً يحتذى به، سواء أكان من خلال المعونات وجهود الإغاثة، او من خلال تقديم المساعدات الانسانية العاجلة للدول التي عانت سواء من الكوارث الطبيعية او الناتجة عن حالة الصراعات و الحروب الدامية، والامثلة كثيرة و لعل إنشاء المستشفى الميداني الأردني في غزة الذي دأب طاقمه الطبي بتقديم الخدمات العلاجية والإنسانية للأخوة والاهل في قطاع غزة فيض من غيض على الجهود الإنسانية المبذولة في هذا المجال.
فجهود الأردن بقيادة سيد البلاد الملك عبدالله الثاني -حفظه الله- حاضرة دوماً بهذا الصدد، ولعل استقبال الاردن للملايين من الفارين من الحروب ومناطق النزاع خير مثال على التعامل الإنساني الذي تنتهجه الدولة الأردنية ،من خلال توفير الملاذ الآمن للاجئين ممن اضطرتهم الممارسات التي تشهدها دولهم من تعذيب وتهجير وقتل للهجرة الى بلادنا الآمنة المستقرة بفضل الله وبفضل قيادتنا الحكيمة.
ولعل مقولة الشيخ محمد بن راشد من أن " الذي يدير ظهره لآلام أخيه الإنسان ، لا يستحق شرف الإنتماء الى البشر " لخصت اهمية العمل الإنساني على مستوى الافراد و الشعوب و مواصلة التنديد باعمال العنف ضد عمال الاغاثة.
"الدستور"