حين أخفيت مصادري في خبر يقين!
باسم سكجها
21-08-2023 12:00 AM
كان ذلك في نهايات الثمانينيات، حين وصلتني معلومات مؤكدة أنّ ذلك التنظيم الأمني المنشق عن “فتح”، الذي سمحت له الحكومة الأردنية بالعمل بحرية، حتى داخل المخيمات سوف يُطالب قريباً بالخروج، أو في القليل وقف العمل، بعد توافقات ضمنية مع الراحل ياسر عرفات.
نشرت الخبر في “القُدس العربي” وكنت مؤسس مكتبها في عمّان، فجاءتني زوبعة من الاتصالات، ومن ضمنها واحد من زميل يعمل مديراً للإعلام في ذلك التنظيم، ليقول لي: يُسلّم عليك أبو الزعيم، ويقول لك إنّه لا يستطيع لسبب أمني زيارتك، فهل يمكنك لقاءه في مكتبه؟
أجبته: طبعاً، إذا ضمن سلامتي الشخصية ممّن هم حواليه، فأكد ذلك. كان الأمر يعني لي متابعة صحافية جديدة للخبر، وسبقاً على سبق. دخلت وحدي إلى مقر التنظيم، وكان هناك العشرات في صالة كبيرة يحملون في عيونهم الشرر، ومنها دخلت إلى مكتبه، رحّب بي بالشكل اللائق، وبعد فنجان قهوة سريع سألني: يعني هل لنا أن نضبّ أغراضنا؟ وزاد في سؤاله: هل لي أن أعرف مصدر الخبر، من هنا أو هناك، وكان يقصد من الأردن أو من المنظمة، فأجبته: بالنسبة للسؤال الثاني فلا يمكنني أن أفصح عن مصدري، أمّا بالنسبة للأول فأنا متأكّد من مصادري!
فهم بالطبع المعنى، وقال: يعني أنت تقول لي ضبضب أغراضك؟ فأجبته: لا سمح الله، فأنا لا أقول ذلك، ولكنّ خبري مؤكد! ردّ عليّ بنصيحة ألاّ أنساق وراء أخبار كاذبة، وأكّد أنّه و”تنظيمه” موجودون ومنتشرون، فانسحبت وحولي كلّ تلك العيون التي يتطاير منها الشرر، من قبضايات لا علاقة لهم بالسياسة!
لم يمرّ أسبوعان على ذلك اليوم، حتى تمّت تصفية الوجود العلني لذلك “التنظيم” بهدوء، يشبه العاصفة الصامتة، ولكنّ الرجل ظلّ في الأردن بعيداً عن العيون، ويا دار ما دخلك شرّ، مع أنّ ذلك الزميل الاعلامي واصل سؤالي عن مصدري، ولم أفصح عنه، ولن أفعل، ولكنّي أؤكد الآن أنّه ليس من الحكومة وأجهزتها أو من ياسر عرفات وأجهزته، وللحديث بقية!