facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قال خطيب المسجد: “الشرط 40 لنا 20 ولكم 20”


أحمد الجارالله
20-08-2023 08:33 AM

ثمة قصة معبرة عن واقع الحال في معظم الدول العربية، تبين كيف تتم عملية التدليس على الناس من خلال منظومة متكاملة، تبدأ من مسؤولين فاسدين وتمر بخطباء يعرفون كيف “تؤكل الكتف”، ولا تنتهي عند المتمصلحين الذين يصبح جيشهم المدافع عنها.
ففي أحد الأيام، ﺍﻋﺘﻠﻰ ﺍلخطيب منبر المسجد، ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ، ﻭﺗﺮﻙ الإسراف، ومحاربة الفساد، ﻓﻘﺎﻃﻌﻪ أﺣﺪ ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، ويبدو أنه كان يتابع سلوك هذا الخطيب فقال: “حضرة الشيخ، ﺟﻨﺎﺑﻜﻢ ﺟﺌﺘﻢ ﺑﺴﻴﺎﺭﺓ فخمة، ﻭﻣﻼﺑﺲ ﻓﺎﺧﺮﺓ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ، ﻭﻋﻄﺮ ﻳﻔﻮﺡ في أرجاء ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﻫﺎﺗﻔﻚ من أحدث طراز، ﻭﺗﺬﻫﺐ ﻟﻠﻌﻤﺮﺓ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ، وتنام في منزل كبير”.
وأضاف: “هلا رافقتني ﻳﻮﻣﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍً إلى غرفتي ﺍﻟﻤﺴﻘوفة بالصاج، ﻭأﺭﻳﺪﻙ أﻥ ﺗﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ مكيف هواء، ﺛﻢ ﺗﺼﺤﻮ ﻣﻌﻲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻭتحمل ﺍﻟﻤﻜﻨﺴﺔ ﻟﺘﻨﻈﻒ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ في ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، ﻭﺍﻧﺖ ﺻﺎﺋﻢ، ﻟﻜﻲ ﺗﻌﺮﻑ معنى ﺍﻟﺼﺒﺮ”!
أردف الرجل: “أنا أفعل هذا ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، لأتسلم ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﺯﻫﻴﺪﺍ ﻻ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻗﻴﻤﺔ ﻗﻨﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﻄﺮ التي ﺗﺸﺘﺮﻳﻬﺎ”!
وقال: “ﻋﺬﺭﺍ خطيبنا، ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻨﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻓﻬﻮ ﺭﻓﻴﻖ ﺩﺭﺑﻨﺎ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ الظلم والرياء، وعن البطالة المتفشية في المجتمع، وعن الشعوب المضطهدة، وحدثنا عن الفساد ونهب المال العام والمفسدين، وعن الطبقية وغياب العدالة في توزيع الثروات، وحدثنا، أيضا، عن الواسطة والمحسوبية، ﻭإﻻ ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﺎ بخطبتك”.
نعم، هذا لسان حال الكثير من الناصحين الذين يطالبون الناس بالصبر، وهم لا يعلمون به، ويقولون في محاربة الفساد ما لم يقله مالك في الخمر، وهم أفجر الفاسدين، الذين يستغلون كل أمر كي يستفيدوا منه، فلا يتركون شاردة ولا واردة إلا وتكون لهم حصة فيها.
هؤلاء منهم المسؤولون الذين لا يعملون وفق القانون، بل يشيعون الفساد في مؤسساتهم، ووزاراتهم، وهم النواب الذين يطبقون المثل الشعبي “كالمنشار نازل واكل طالع واكل”، لأنهم توهموا أن الدنيا وجدت لهم، ووحدهم من لا يخطئون، لذا يضعون الشخص غير المناسب في المكان الخطأ، ويطلبون من الناس التعاون معه، لأنه من المقربين لهم.
هم من يمارسون التدليس بكفاءة عالية كي يحفظوا مناصبهم وسلطتهم، لهذا يفجرون في الكذب وتلفيق الشعارات، لأنهم منفصمون عن الواقع بشكل غير طبيعي، ويعتقدون أن الهلوسات والأوهام والاضطراب في التفكير والسلوك هو مناجاتهم.
ينطبق على هؤلاء المثل الشعبي: “سعيد أخو مبارك”، ولذلك قصة أيضا معبرة، عن خطيب في إحدى القرى الخليجية، كان يخطب بجماعة من البسطاء، فقال: “أطعموا مطوعكم لحم الدجاج، وزوجوه البنت المغناج، تدخلوا الجنة أفواجا أفواجا”.
فكشفه أحدهم إذ كان أكثر معرفة بالدين اسمه مبارك، فتنحنح في الصلاة، فعرف الخطيب، وكان اسمه سعيد، أن أمره انكشف، فقال في الركعة التالية: “اسكتوا أيها المتنحنحون، الشرط أربعون، لكم عشرون ولنا عشرون”، فسكت مبارك ليكسب بالتواطؤ مع سعيد نعيم الفساد، لذا قالت الناس: “سعيد أخو مبارك”.
مما لا شك فيه أن التجهيل سمة المرحلة؛ إذ لم يكن من قبيل المصادفة أن يتزامن ذلك مع عدد كبير من أنصاف المتعلمين الذين زرعوا في الإدارات كي ينفذوا أوامر المتنفذين الذين رسموا لهم مسارهم منذ البداية كي يستحوذوا على كل شيء، فينهبوا المال العام باسم الإنفاق على مشاريع سرعان ما ينكشف سوء تنفيذها، وإذا سئلوا عن ذلك أجابوا: “الشرط أربعون، لكم عشرون ولنا عشرون”، لهذا يتقاسم الناهبون ثروات الدول.

السياسة الكويتية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :