ما هكذا تحاور الشعوب .. يا رفاعي
هديل الحليسي
24-01-2011 10:27 PM
باتت ثورة الاحرار في تونس تلقي بظلالها على الشارع العربي والحكومات الغربية، وتملؤهم جميعا شعوبا وحكومات بالترقب والسؤال "من التالي في لعبة الدومينو هذه؟! سوف افترض حسن النية وابتعد عن الجزم واقول "ربما" كانت نتائجها التي فرضت ارادة الشعب هي من جعلت القيادات العربية تعطي وتمنع وتصحو لتواجه رغبات الشعوب في محاولاتها للخروج من دائرة الدومينو مدركة ان سقوط اول قطعة فيها يعني،حتما، سقوط اخرها تباعا. فمن مبادرة الاسد الى حسني مبارك الى العصير والماء الذي وزعه رجال الامن على المتظاهرين في عمان يوم الجمعة الماضي، نستشعر انه ربما قد ادرك هؤلاء اخيرا كم هي زلقة كراسيهم فقد يسقطون عنها مع اول ثورة حتى لو كانت ياسمينية.
كالعادة، يعيد التاريخ نفسه، الا ان حكوماتنا لا تقرأ التاريخ ولا حتى من باب التسلية. فالنفس البشرية مجبولة على الثوران، ولطالما ثارت الشعوب ضد القهر والفقر. فكانت أول ثورة في التاريخ البشري وهي ثورة - لوكال زاكيزي- في العراق وكان من مبادئها :توزيع الثروة بشكل عادل ومضمون وألغاء القوانين القديمة وأستبدالها بقوانين جديدة كي يحصل الشعب على حقوق مدنية جديدة معترف بها من قبل السلطات. ولو نظرنا الى الظروف الراهنة في وطننا نجدها شبيهة والى حد كبير بالظروف التي احاطت بمعظم الثورات عبر التاريخ. فمن الناحية الاجتماعية، كانت معظم المجتمعات الثائرة على شكل هرمي يتربع على قمته طبقة النبلاء والمستفيدين من السلطة ومن ثم الطبقة البرجوازية مثلا التي لم تكن تتمتع بالمشاركة السياسية ومن ثم الطبقة الكادحة والتي تمثل قاعدة الهرم، والتي طالما رزحت تحت نير الفقر والضرائب والاقطاعية عبر التاريخ.
لعل الفيلسوف سقراط كان محقا عندما قال ( قبل ماركس) بأن الصراع بين الاغنياء والفقراء،هو السبب الرئيس للثورات، وهو ماعرف في ادبيات الفكر الماركسي (بحتمية الصراع الطبقي). ويظهر من هنا ان هناك خللا كبيرا ما زال سائدا في المجتمات ولا سيما العربية منها. وكما غيرت الكثير من الثورات وجه التاريخ، بات في حكم المؤكد ان الشعوب العربية قد بدأت سلسلة الثورات لاستعادة الكرامة. فطبقة "النبلاء والوزراء السابقين والحاضرين واصحاب المعالي والنواب" في بلدنا لا تمثل طبقة "الكادحين من موظفي الحكومة" باي شكل من الاشكال.
ان ارادة المتظاهرين في وطننا الحبيب وللجمعة الثانية على التوالي فولاذية، ومطالبها واضحة، ليست خبزا فقط بل كرامة، لا تشتريها عشرون دينارا لا تسمن من جوع ولا تؤمن للمواطن حتى قوت مدفأته الشهري كل لا تصبح المدافئ في البيت مزهريات شتاء. وهي ايضا لن تمنحه رفاهية قضائ ثلاثة او اربعة ايام في العقبة (وليس في شرم الشيخ) مع عائلته صيفا.
اتسائل هنا كم جمعة سيتطلب الامر حتى تسمع حكومة الرفاعي صوت الشعب ولكي تدرك انها لم تكن على قدر احلامه وآماله "غير العريضة"، كم سيستغرق الامر دون ان تلسع النيران جسد واحد من ابنائنا الذين اثبتوا في هذه المسيرات السلمية اننا شعب يميزه الوعي والتحضر بكل معانيه. ادعو الله صادقة ان يصل صوت الشعب الى آذان "حكومة الرفاعي" الموقرة لتتبع الاخيرة منهج الديمقراطية وانكار الذات نزولا عند رغبات الشعوب.
فما هكذا تحاور الشعوب....يا رفاعي.