فلسفة الأَخلاق ومسيرتها التاريخية
د. عبدالله حسين العزام
18-08-2023 04:07 PM
إنَّ الأَخلاق ترتبط بالحياة الإنسانية أي بالشعوب والمهن، لذلك يقال، أَخلاقيَّات المجتمعات الإنسانية، وأَخلاقيَّات وسائلِ الإعلام، وأَخلاقيَّات العمل الصحفيَّ، ويقال كذلك أَخلاقيَّات مهنة الطِّب، وأَخلاقيَّات الإدارة العامة إلخ..!
والرسول محمد صل الله عليه وسلم أعظم مجسد للقيم الأخلاقية، فهو النموذج القيمي الأعلى الذي يمثل القدوة لنا التي لا مثيل لها، كونه صل الله عليه وسلم خير مثال يحتذى بقيمه الأخلاقية لنشر الفضيلة والتعامل النبيل عبر مختلف المواقف الحياتية التي مر بها، وهو أفضل ناقل للقيم الأخلاقية من نص الوحي إلى الواقع والحياة والنفوس والنظم والأوضاع، وتظل قيمه الأخلاقية صالحة لكل زمان ومكان وتخدم المجتمع الإنساني ككل وليس المسلمين فقط.
ومن بين أهم القيم الأخلاقية التي كان يتبناها الرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم في أفعاله، الرحمة في التعامل، وإحقاق الحق والعدل، والحلم والعفو عند المقدرة، والصبر على المكاره، والجود والعطاء والبذل، والصدق في النية والكلام والفعل، والشجاعة والبأس ورباطة الجأش في المحن والشدائد، والتواضع والتعايش والسلم، وهناك الكثير من القيم الأخلاقية التي كان الرسول صل الله عليه وسلم جامعا لها.
والأخلاق عند أبوحامد الغزالي أَربعة كما ذكر وهي: الحكمَة والشَّجاعة والعفَّة والعدل..!
أَمَّا نابليون بونابرت السياسي والقائد العسكري التاريخي، فقَد جعل الأَخلاق العمود الفقري لنجاح المُؤسَّسات، وقال: "تَفسد المُؤسَّسات؛ حين لا تقوم على الأَخلاق"..!
والأَخلاق ومادتها، كُلُّها كذلك شغلت الفَلاسِفة الغربيين، ومن بين أولئك الفَلاسِفة الذين تناولوا مفهوم الأخلاق:
أفلاطون: يعتبر الأخلاق تكميلًا للنفس والروح، حيث يجب على الإنسان كبح شهواته والتسامي فوق مطالب الجسد، والسعي للخير والمعرفة ومحاربة الجهل.
إيمانويل كانط: يرى أن الأخلاق مرتبطة بالإرادة التي تنبع من عقل الإنسان الواعي، وأن اتباع الأخلاق وعمل الصواب هو واجب أخلاقي.
جان جاك روسو: يعتبر الأخلاق الأحاسيس الطبيعية التي تميز بين الخير والشر وتدفعنا لتجنب إيذاء النفس والآخرين، وتميل إلى ما ينفع الفرد والمجتمع.
أرسطو: يربط الأخلاق بسعادة الإنسان ويراها الأفعال التي تنبع من العقل للوصول إلى الخير الأعلى، وهو السعادة.
فريدريش نيتشه: يؤكد على أن الأخلاق يجب أن تنبع من الإنسان نفسه، وكل فرد يبني عالمه الأخلاقي الخاص الذي يعكس وجوده بكامل نقائصه وانفعالاته قبل حكمته.
أخيراً وفي هذا السياق استذكر بيت أَمير الشُّعراء أحمد شوقي، الذي يقول فيه: وليس بعامِرٍ بُنيانُ قومٍ إذَا أَخلاقهم كانت خَرَابَا..!