لا بد للدولة، أي دولة، ولتحفظ لذاتها هذا الكنه؛ أن تجد السبيل الخاص بها للبقاء والنمو، وإذا قيض لهذا السبيل رواية شعبية متفردة، حينها يضحى الغالب الأعم من المواطنين روايا لدى الدولة قاصا لسيرتها النبيلة، مشروع مواطنة صالحة.

وحيث أن مسعى الدولة الازدهار، وثبات الديار بتنوع الأفكار، ولما تتيح هكذا دولة تنويرا من طبيعة خاصة ضمن مرافق التعليم فيها والرعاية الاجتماعية والأسرية، فإن وعاء هذا التنوير من المناسب توجيهه للنشئ وجيل الشباب، بما يورث في هكذا دولة لا الثبات فحسب بل التجدد والنماء.

إن المشرع في أي دولة، إنما هو لسانها الواضح الجلي، والتشريع فيها هو جوهر ارادتها الحرة، وحيث مُنحت الدولة ذاتها الشخصية الحكمية العامة أداءا لوظيفة خالدة لا لتحقيق هدف مؤقت، فلا ريب أن يعد التشريع لأي دولة: روايتها المنطقية والمكتوبة والمختارة.

يتجه العالم بشكل متزايد نحو منظومة "التشريع الجيد" حيث تضمن كفاية التشريع وفعاليته وحصريته، تضمن التقدم في مفاصل الحياة المختلفة، إلا أن التشريع كوثيقة بذاته لا يعد غاية بل وسيلة للتنظيم، وأيما دولة تتسق فيها أولويات التنظيم، فقها أو اسلوبا، فإنما هي دولة حرية بإخرج جيد التشريعات وأكثرها استقرارا.

من المسلم به لدى مفسري التشريع ومؤوليه، أن التشريع عمل غير مكتمل ولن يكون، لكن ضوابط التشريع الجيد، اجراءات اقتراح وتشاور حقيقي واقرار ونشر، ووضوح عبارة تخاطب المكلف، كل مكلف، وكذالك محمود المبادئ القانونية المستقرة من الاقلال ما أمكن من السلطة التقديرية لانفاذ التشريعات، وعميق مبدأ سيادة القانون، كل هذا من الممكن أن يورث في المكلفين لا رضاءا بالنص التشريعي وقبولا به فحسب، ولكن، ولم لا، الالتزام الطوعي به اختيارا وأسلوب حياة، كهدف أساس لعمليات التطوير التشريعي.

أما وقد صدرت نتائج الثانوية العامة، وحيث تبذل مديرية الأمن العام مشكورة جهودا جبارة لمكافحة ظاهرة اطلاق العيارات النارية، فإن الخبر التنظيمي والتشريعي لهذا التوجه، ولا سيما في ظل عدم وضوح عبارة تجريم اطلاق عيارات نارية "دون داع"، يلاقي جوابا له ضمن منظومة التشريع الجيد التي تحبذ و"مع التسليم بخصوصية الصياغة الجزائية"، تحبذ صياغة الأحكام للمكلفين لا بلغة المنع بل السماح، ويجيب التنظيم الجيد بإمكانية السماح للمواطنين باطلاق العيارات النارية ابتهاجا ضمن ضوابط، أن يتم هذا العمل في ميادين بعيدة عن التجمعات السكانية والثروات الحيوانية ،،، مع تعهد الدولة بايصال من يريد اطلاق هذه العيارات بمركبات تابعة لها ذات مواصفات،، نوعية،
الوقت مُحكم، والزمن مشرع، بانتظام هذه التجربة ستتشكل قناعة بعدم الجدوى من اطلاق مثل هكذا عيارات، وفي مكان ما، سيزف الفرح الى وطنى صفوا من أي كدر.

أقول،،
التشريع رواية الدولة وخبرها، وحيث يتاح للأخبار رواة مهرة، فلا شك أن التشريع سيوجه الفكر الجمعي وينهض به.