زيادة الـ 20 دينارا ليست هي الحل
سلامه الدرعاوي
24-01-2011 04:28 AM
الاجراءات الحكومية الاخيرة بشأن تخفيض الضريبة على المحروقات وزيادة الرواتب جاءت استجابة للضغوطات الشعبية وتخوفا من تطور الاحداث الى ما لا يحمد عقباه, ولو كانت قرارا حكوميا بحتا كما تحث رئيس الوزراء بذلك لصحيفة الشرق القطرية في عددها امس لكان الاولى ان تكون تلك القرارات مترجمة في مشروع قانون الموازنة لسنة 2001 الذي هو الان بيد ايدي النواب.
لا شك ان القرارات الحكومية جاءت متأخرة, لكن تنازلات الحكومة بهذا الشكل تصب اولا واخيرا في مصلحة المواطن.
لكن السؤال المطروح في الشارع هو هل تكفي تلك القرارات لتهدئة الشارع?
باعتقادي ان المواطن لا ينتظر زيادة الـ 20 دينارا حتى يهدأ, او يغير من نظرته للحكومة, الاردنيون بحاجة الى حزمة اصلاحات متكاملة لا ان يتم التعامل معه بالقطعة.
الاكثر الحاحا في المشهد الداخلي المحلي اليوم هو اعادة الثقة بين المواطنين والاجهزة الرسمية سواء كانت حكومية او نيابية او حتى الاعلامية. تلك الجهات فقدت مصداقيتها عند الشارع نتيجة تجارب مريرة شهدتها علاقاتها مع المواطنين.
الحكومات قالت للمواطنين انها ستخفض العجز اذا ما تم الغاء دعم المحروقات, وبعد ان تم ذلك تضاعف العجز ثلاثة امثال ما كان عليه وقت الدعم.
الحكومات قالت للمواطنين انها ستخفض الدين اذا ما تم شراء ديون من نادي باريس من خلال استخدام عوائد التخاصية البالغة 1.65 مليار دينار, وبعد ان تمت صفقة نادي باريس ارتفعت المديونية الى الضعف في اقل من عامين. في المقابل لم يتبق للمواطنين اي شيء من عوائد التخاصية.
النواب عاهدوا المواطنين ان يراقبوا الاداء الحكومي ويحاسبوا المقصرين, لنجدهم بعد ذلك يتسارعون للحصول على اعطيات الحكومة وهباتها, لا بل يمارسون اعمالا في شبهات فساد على مرأى من الشارع مثلما حدث في عطاءات سكن كريم.
المواطنون شاهدوا خطابات الثقة من قبل نواب اشبعوا الحكومة نقدا غير مسبوق امام سماع الاردنيين وفي التصويت كانت النتيجة " ثقة وطبشة".
ايضا, لعب الاعلام دورا تضليليا لا يقل خطورة عن السياسات الحكومية والسلوكيات النيابية, فباستثناء اعلاميين لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين مارست وسائل الاعلام هي الاخرى سلوكيات مشينة لعمليات الاصلاح وتفننت في التطبيل والتزمير للحكومات ومجالس النواب, مما افقدها دورها الرئيسي في الكشف عن الحقيقة وتقديم النقد البناء الذي يخدم الوطن والمواطن.
في النهاية وجد الشارع نفسه امام مؤسسات رسمية وشبه رسمية لا تتمتع بالمصداقية المطلوبة التي يعتقد انها تخولها للدفاع عن مصالحه, لا بل ينظر لها نظرة سوداوية في عمليات الاصلاح.
المطلوب اليوم من الحكومة والنواب والاعلام هو اعادة الثقة للمواطن بتلك المؤسسات التي لطالما كانت متنفسا للاردنيين ومحط اهتمامهم وتقديرهم, ولا يكون ذلك ممكنا الا من خلال ارادة حقيقية للتغيير في السلوكيات الرسمية واعادة الاعتبار للدستور الذي تم خرقه من كافة الجهات تحت مسميات مختلفة, والعمل جنبا الى جنب بدلا من سياسات المناكفة بين من يعتقدون انفسهم نخبا في الاردن, والحقيقة انه لو كان هناك شفافية ونزاهة في التعيينات لاختفى الكثير منهم ولم نعد نراهم في الادارة العامة الرسمية.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم