روسيا تعلن .. «حرب الأخشاب»؟
محمد خروب
15-08-2023 12:58 AM
لا يذهب العنوان أعلاه نحو التندر باشارته إلى أن روسيا اعلنت «حرب الأخشاب», على الاتحاد الأوروبي وليس أوكرانيا, التي يبدو أن هجومها المضاد قد انتهى إلى فشل ذريع ومزدوج (بمعنى أن كييف ليست وحدها التي ستحصد هزيمة مُذلة, بل خصوصاً المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة وحلف الناتو). أما جديد الحرب «الجديدة» التي ستنعكس بالضرورة على معظم دول العالم، كما حدث مع مسألة انقطاع و"مقاطعة» الغاز الأزرق الروسي, من قبل دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسه المانيا, كذلك بعد إنتهاء مفعول اتفاق صفقة الحبوب في 18 تموز الماضي, والارتفاع الذي طرأ إثر ذلك على أسعار الحبوب المختلفة.
نقول: سبب حرب الأخشاب التي اعلنتها موسكو مؤخراً, كما ورد في بوابة Dzen على قناة باندكس (الروسية) وكما ترجمها الدكتور زياد الزبيدي, أن موسكو فرضت تدبيراً «إنتقامياً» ضد العقوبات, في مجال يحتل مكاناً مهماً في الصناعة الغربية.. مُستهدفة الاتحاد الأوروبي تحديداً، الذي يفرض –وفق بوابة Dzen – عقوبات شيطانية على روسيا، بدا لهم – تضيف البوابة – انهم كانوا يتَّجهون بجدية الى التخلّي عن كميات كبيرة من إمدادات مختلفة من الموارد الروسية، على سبيل المثال النفط والغاز.. وهذا القرار – الأخير – له تفسير مُعين.
بعد كل شيء – تواصِل البوابة – لا تزال هناك خيارات لاستبدال عدد من الموارد من روسيا بامدادات دول أخرى وإن كانت باهظة الثمن، لكن الاتحاد الأوروبي – وهنا نضع أكثر من خط تحت ما سيرد تالياً – «لم» يفرض عقوبات على واردات الأخشاب من روسيا، لماذا فجأة مثل هذا الاستثناء بعد احدى عشرة حزمة من العقوبات القاسية؟ تساءلت بوابة Dzen.
الجواب: الحقيقة، هي أنه من الصعب بالفعل العثور على بديل للخشب الرخيص من الاتحاد الروسي كما النفط والغاز. على سبيل المثال – ووفقاً للتقديرات الاحصائية – تواصِل البوابة – تتواجد حوالي 20%من الغابات في الاتحاد الروسي.
ازاء ذلك وبينما «لم» يرغب الاتحاد الأوروبي في تعقيد الموقف بالنسبة لاستيراد الخشب الروسي، فإن روسيا كردٍ على سياسة العقوبات, قرّرت «زيادة» رسوم التصدير على الخشب بِـِ"شكل حاد».. ما تسبّب هذا في احتجاج شديد وقلق قوي في الاتحاد, لأنه سرعان ما تم الكشف عن «عواقِب"هذا القرار على اقتصاد دول الاتحاد؟.
هل طرأ تغيير على سياسة روسيا؟.
يبدو ان الجواب نعم، إذ إن روسيا – كما تقول البوابة – غالباً ما اتّبعت الاتفاقات الدولية لحل القضايا المختلفة مع الدول الأخرى وهذا ما يفسر أن الوضع لدى موسكو «يتغيّر» تدريجياً، رغم أن القيادة السياسية لروسيا وعلى نحو متزايد, «ترفض» اتباع الوثائق والتوصيات الدولية، مُعتمدة أكثر على مصالحها الخاصة، كما فعلت كمثال ساطع وحديث للغاية، عند انسحابها/موسكو من صفقة الحبوب، لكن الوضع في ما يتعلق برسوم التصدير على الأخشاب، هو أيضاً مثال على ذلك, إذ زاد الاتحاد الروسي حجم هذه الرسوم من 15% إلى 80%.
نتيجة لذلك- وكما هو معروف تلقائياً – ارتفعت تكلفة الاخشاب المُورِّدة للاتحاد الأوروبي بشكل حاد, لم يلبث سياسيو الاتحاد الأوروبي أن اشاروا إلى أنه «وِفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية WTOيجب –قالوا – ألاّ يتجاوز هذا 15%, خصوصاً – قال سياسيو الاتحاد الأوروبي – إن روسيا ما تزال جزءاً من منظمة التجارة العالمية (كذا). ورغم ذلك فإن القرار الروسي برفع رسوم تصدير الأخشاب «لم يتغيّر»، مُعلناً – الجانب الروسي – ان قواعد منظمة التجارة العالمية تُعتبر – استشارية، ما يعني من بين أمور أخرى أن روسيا بدلاً من اتباع القواعد والتوصيات الدولية, ذهبت باتجاه حماية مصالحها.. مُصرِّة على ان يدفع الأوروبيون النسبة التي تُقرّرها موسكو على رسوم تصدير الأخشاب, التزاماً منها واهتماماً بمصالحها الخاصة، ما تسبب بالفعل في هلع أوروبا وذعرها، مُعبّرين عن عدم «سعادتهم» بهذه «الهدية» الروسية.
ما هي نتائج هذا القرار على اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي؟.
المؤشرات تشي بأن أزمة في صناعة الأخشاب قد ظهرت بسرعة كبيرة, على ما رصدت بوابة Dzen, إذا بعد كل شيء، أدّى شراء الخشب الأكثر تكلفة إلى زيادة تكلفة السلع المُصنَّعة، لذلك بدأوا في شراء كميات أقل، ما أسفر عن إنخفاض أرباح شركات الصناعات الخشبية في الاتحاد وبدأ ظهور الخسائر وتسريح الموظفين أيضاً.
الأمر المثير للاهتمام أيضاً هو أن عدداً كبيراً من آلات هذه الشركات تم تصميمها خصيصاً لمعالجة الخشب الروسي. وهناك مشكلة إضافية مع استبدالها بأخشاب من بلدان أخرى. لكن الشركات الروسية المُصدرة للأخشاب لم تُواجه أي صعوبات في التجارة. لقد قامت ببساطة بزيادة صادراتها إلى دول أخرى، على سبيل المثال إلى الإمارات العربية المتحدة وإلى العراق. لذا ــ تختم DZEN ــ فإن السياسيين الأوروبيين هم الآن, إما يُطالبون أو يحاولون التفاوض مع روسيا لتخفيض رسوم التصدير، لكن القرار يبقى «كما هو» دون تغيير.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي