الحكومة تخدع النواب والامة * د. غازي الذنيبات
23-01-2011 03:58 AM
بيان وزير الطاقة امام مجلس النواب حول ارتفاع الاسعار وخاصة المشتقات النفطية يظهر ان هذه الحكومة تمارس نمطا من الفهلوة والدهلزة التي لا تليق بحكومة امينة ورصينة تريد ان تكسب مصداقية وثقة شعبها في مثل هذا الوقت وهذه الظروف ، فمعالي الوزير قال كل شيء وسكت عن ما يجب يقال .
هذا النمط من التفكير واسلوب التفاوض او ادارة الحوار وقلب الحقائق بالتلاعب بالارقام والطرق الحسابية يذكر بلغة واسلوب يمارسه على نحو مبسط تجار الشنطة ومندوبي المبيعات، فيما يمارسه على نحو موسع مفاوضو الشركات التجارية الغربية الكبرى ، في الاقتصاد والسياسة عندما تختلط ، باسلوب منهجي يعتمد على التنظير الفلسفي يدرس في اعرق الجامعات ،يتعلم الطلبة من خلاله كيفية ممارسة استغفال الزبائن وكسب ودهم ، وايصالهم الى النهر واعادتهم عطاش، بعد سلب اموالهم ، ولقد سبق لي ان اشتركت ببرنامج مماثل في جامعة اوهايو الامريكية كان يتمحور حول كيفية اقناع (خداع) المسؤول بتنفيذ كل احتياجاتك باساليب الفذلكة اياها .
لم تقدم الحكومة جردة الحساب التي طلبها النواب ،لا لقصور في قدرات الحكومة الحسابية، بل لتقصير هادف ، فالحكومة تعرف لعبة الارقام بدقة ، ولكنها تلوذ بصمت حكيم احيانا حتى لا ينكشف ما يراد له ان يظل مستورا، فالحكومة البريئة تعرف بالضبط كم تدفع دعما لاسطوانة الغاز وتعلن على الملا انها تدفع ما يقرب من سبعين مليونا ـ اذا صح الرقم ـ ولكنها ويا للشفقة تعجز عن تحديد عوائد الخزينة من البنزين بنوعيه وتكتفي بتقديم نسبة صماء ،لم تبين لنا كيفية احتسابها، ولم تبين انها تصاعدية بحيث يعرف الناس ان ارتفاع سعر برميل النفط عالميا يضع المواطن تحت رحمة السلاح المزدوج المكون من ارتفاع الاسعار من جهة، وارتفاع الضريبة المماثل المتتابع على نمط المتواليات في علم الرياضيات . كما انها عاجزة عن تقدير قيمة فاتورتها النفطية التي يتحملها المواطن.
عندما تعلن الحكومة الموقرة انها تتقاضى 40% ضرائب على مادة البنزين،فان ما لم تقله الحكومة ان المواطن عندما يقف على محطة الوقود ليملا خزان سيارتة بخمسين لترا من البنزين فانه يدفع ما يقرب من 40 دينارا يذهب 24 دينار منها ثمنا للبنزين فيما يذهب 16 دينارا منها لصندوق ومصروفات الحكومة الرشيدة.
ولا ننسى انه يضاف الى كل هذا ما يدفعه المواطن المسكين لقاء ارتفاع عام مضطرد في اسعار السلع والخدمات يسير جنبا الى جنب كلما ارتفعت الفاتورة المزدوجة لسعر النفط والضريبة المتصاعدة .
الحكومة التي استبقت مناقشات المجلس باعلان زيادة الرواتب لم تفعل ذلك اكراما للنواب ولم تفعله اكراما للشعب وانما هروبا الى الامام حتى لا تكشف حقيقة الارقام الفلكية التي تجبيها او تجنيها من العوائد النفطية،وكيف تنفق هذه الاموال ،وحتى لا تضطر الى تخفيض الضريبة القاسية الباهضة التي لا يوجد مثيل لها في العالم على المشتقات النفطية. فهي تعطي الموظف عشرين دينار وتاخذ منه مثلها كلما ملا خزان سيارته بالبنزين، ناهيك عن الارتفاع المقابل لكل شيء بارتفاع المشتقات النفطية.
هذه الحكومة لا هم لها الا جمع المال من جيوب الرعية واذهان وزرائها تتفتق ابداعا لايجاد الحلول لمتطلبات الرفاهية والبرطعة المالية من خلال ايجاد تشريعات ضريبية ظاهرها التنظيم والادارة الرشيدة وباطنها ابتزاز المواطنين وسلبهم ارزاقهم واستخلاص فتات الطعام من افواه اطفالهم ليتنعم بها من لم يتعب او يشق بها .
وختاما نتمنى على حكومتنا الرشيدة ان تلعب معنا او علينا كما تريد ولكن على المكشوف بعيدا عن المراوغة والخداع وابراز ما يراد له ان يبرز واخفاء ما يراد له ان يظل طي الكتمان، والتلاعب بالالفاظ والارقام والحسابات، كما نتمنى على نوابنا الافاضل ان يوجهوا اسئلتهم مستقبلا الى الحكومة بطريقة املا الفراغ في الجمل التالية او اجب بصح او خطا ، او اختر الاجابة الصحيحة، لا ان تترك لقدرات الحكومة الانشائية وطرقها الحسابيبة وتبريراتها الفلسفية تتلاعب بهم وبنا ،ومن يشك في ذلك فليعد قراءة بيان معالي وزير الطاقة.