facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سيف اليسار لا يبقي ولا يذر


د. عبدالله هزاع الدعجة
12-08-2023 03:38 PM

جسد اليسار في الأونة الأخيرة حالة وطنية متقدمة للغاية، كما هو في سابق عهده ولاحقه الميمون؛ إذ حاكى التصورات الملكية السامية بكل دقة وتفصيل، المعلن عنها بخطاب الدولة الأردنية منذ عشرات السنين، وكان ذلك في أهم بنية دستورية تشريعية ملكية "مجلس الأعيان"، وهذا ما تمثله القراءة التحليلية المختلفة تماما عن القراءة التحليلية لأعمال السلطتين التنفيذية والقضائية بحكم التمايز بين المكونات المؤسسية، وأعراف وتقاليد وبيروقراطية العمل الخاصة بكل منها.

إن مجلس الأعيان ليس فقط مؤسسة تشريعية بإختيار ملكي وإنما جهاز مركزي للدولة يعمل بإسم الشعب ولصالحه، لمراقبة الأداء الحكومي بفاعلية ويخضعه للمساءلة بعدالة وشفافية.

النموذج الذي قدمه اليسار جسد العلاقة المباشرة بين الديمقراطية التي تتطلب كلا من الحق بالأختلاف وقبول الجميع بهذا الاختلاف لإثراء الحياة العامة للناس، فالحياة السياسية مكونة من آراء متقابلة وتهدف الديمقراطية إلى التأكد من هذه المواجهة التي تخدم العدل الاجتماعي والوصول إلى نتائج إيجابية للمجتمع، والعلاقة المباشرة مع الحكم الرشيد الذي يوفر المساءلة العامة على جميع الذين يتولون السلطات العامة دون استثناء سواء كانوا منتخبين أم لا، بالحصول على المعلومات عن نشاطات الحكومة والحق بالاعتراض عليها والسعي إلى الإصلاح والتغيير من خلال الآليات القانونية والقضائية وتتم المساءلة عبر البرلمانات ومؤسسات التدقيق العليا.

تعتبر المساءلة التشريعية من أعرق آليات المساءلة في النظم الديمقراطية وتمثل جزءا كبيرا ومهما من عمل السلطة التشريعية من خلال مراقبة أعمال الحكومة والمساءلة والمعارضة لضمان استقامة سير العمل الرسمي، أما في حالة غياب أو ضعف أو برمجة جزء من السلطة التشريعية فإننا نجد مواطني دول كثيرة يشكون من الفساد في بلدانهم ويعانون من تغول السلطة التنفيذية الأمر الذي يؤدي إلى استشراء الفساد وفقدان المقدرة على تعزيز آليات المساءلة بسبب ما أصابها من خرق ناجم عن عمليات التزوير أو التمويل أو شراء المقاعد أو العلاقات الشخصية، وبذلك يصبح الفاسدون متحكمين بالدولة بصورة غير مباشرة الا أنها شرعية شكلا، ناهيك عن غياب أو ضعف أو برمجة الرقابتين التنفيذية والقضائية لتغدو الرقابة التشريعية هي الحامي الأخير لإصدار قرارات وقوانين صائبة وسليمة، أما في الدول المتقدمة فالفارق كبير حتى على مستوى مشاركة الجمهور والمواطن العادي بالمساءلة من خلال استخدام تقنيات الحكومة الإلكترونية الفعالة لديهم.

إن حالة تعميق التحول الديمقراطي التي تم الإشارة إليها بالأوراق النقاشية الملكية منذ سنوات، للتحول من إطار سلطوي إلى إطار ديمقراطي تحتاج إلى جهد مكثف من المعنيين بتطبيق مضامين الأوراق النقاشية الملكية، على صعيد التغيير الثقافي والاجتماعي وتجذير السلوك الديمقراطي، قيما ووعيا وقولا وفعلا وممارسة انسانية؛ فالديمقراطية منهج حكم وليست عقيدة سياسية لأنها ترسخ الحرية قيمة وسلوك وترسخ التعددية وتضمن حقوق الإنسان والحريات العامة وتدفع باتجاه الحوار وترسيخ السلم الاجتماعي والمساواة والعدالة والتضامن.

إستنادا لما سبق، فإن مشاركة بعض الكتاب باختلاف مشاربهم وأطيافهم ووظائفهم، تعبر عن وجهات نظر تستحضر سياقات باشتراطات موضوعية سابقة لتسقطها على المرحلة الراهنة المختلفة تماما بسياقاتها واشتراطاتها الموضوعية وطنيا وإقليميا ودوليا، ويتم اصدار أحكام متسرعة، وجزافا على اليسار وعلى اليمين وعلى الوسط واحتكار النظرة الإصلاحية واحتكار نظرة الدولة، وهذا مما يشد بعضد وعزيمة المصلحين الحقيقيين بالبلاد ويشحذ هممهم لمواصلة طريق التغيير والإنجاز، وهذا التيار موجود داخل السلطة وخارج السلطة ولا يستحق الرد في كثير من الأحيان، جملة وتفصيلا، بسبب عدم عمق وصوابية وإجادة طروحاتهم وبسبب سمو حالة السبق الوطني لدى الفئات الإصلاحية التقدمية بالبلاد وهم كثر ولله الحمد.

إن تطبيق وتعزيز الديمقراطية وتطوير مفهوم المواطنة بإطاره القانوني والاجتماعي المتطور وانحسار الانتماءات الضيقة والتقليدية والمصلحية، ودعم مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة والأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات النوعية للحفاظ على كرامة المواطن والمجتمع وحقوقه الأساسية، عند ذلك تعتبر الديمقراطية والحكم وجهين لمعادلة واحدة، هي معادلة التنمية والحرية والاستقلال.

وفق الله الأردن العظيم وقيادته الملهمة وأبناؤه المخلصين، لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :