ثلاثة عوامل أساسية تسببت ولا تزال في تراجع الإدارة العامة. الأول سرعة تغيير الوزراء بخاصه نتيجة لكثرة التعديلات على الحكومات، والثاني اختيار القيادات الإدارية العليا (الوزير والأمين والمدير العام) دون الالتزام بمعايير مناسبة أو بتجاوزها حال وجودها، والثالث غياب المساءلة للقيادات الإدارية.

قبل أيام سمعت من أمين عام سابق لإحدى الوزارات الخدمية الهامة أنه خدم أميناً عاماً مدة (6) سنوات توالي على الوزارة خلالها (5) وزراء، فقلت له محسوبك خدمت أميناً عاماً في وزارة الزراعة 14 شهراً تولى الوزارة خلالها 4 وزراء بمعدل وزير كل 3.5 أشهر وذلك في الفترة ما بين أيلول 2004 وتشرين ثاني 2005.

لم أعتمد في تحديد هذه العوامل على تجربتي في خدمتي في القيادات الإدارية العليا فقط أميناً عاماً ووزيراً لمرتين بلغت في اجمالها 5.5 عاماً، وإنما لخدمة حكومية فعلية دامت 30 عاماً قبل أن أصبح أميناً عاماً تعاملت خلالها مع العديد من القيادات الإدارية العليا في الوزارات والمؤسسات الحكومية التي لم تكن بمستوى التأهيل الكافي سواء في القيادة أو في الخبرات الإدارية أو المهارات الاتصالية دعك عن امتلاك الرؤية.

وأضيف إلى ذلك الخروج عن المعايير المحددة من الجهات الرسمية المختصة في التعيين في الوظائف العليا من قبل اللجنة الوزارية المشكلة للاختيار لهذه الوظائف. أما عدم المساءلة لشاغلي هذه الوظائف فهو تقليد بدأ قديماً ولا يزال مستمراً بعيداً عن الالتزام بتقارير ديوان المحاسبة ولا حتى برأي المركز الوطني لحقوق الانسان باستثناء النشاط المتنامي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والذي نأمل أن يتوسع أكثر على صعيد شاغلي الوظائف العليا إذ لا تزال نسبة غير قليلة منهم يعزفون حتى عن تقديم اشهار الذمة المالية ؟!.