عمون - يعتبر العقل الباطن جزءًا غامضًا وقويًا في داخلنا يؤثر على حياتنا وتصرفاتنا بطرق لا ندركها بوضوح. يشكل هذا العقل الباطن نسبة كبيرة من قوتنا الداخلية، حيث يؤثر بنسبة تصل إلى 95% إلى 99% على سلوكنا وتصرفاتنا. إنه القوة التي تحرك أعمالنا اليومية، من تفكيرنا وتصرفاتنا حتى وظائف أعضاء جسمنا مثل دقات القلب وعملية التنفس. يعد العقل الباطن نوعًا من الجهاز الآلي الذي يعمل تلقائيًا، ويُمكن استغلاله بشكل إيجابي لتحقيق التقدم والتحسين في حياتنا.
من المثير للدهشة أن الكثير من الأفراد قد لا يدركون قوة العقل الباطن وكيفية التعامل معه. غالبًا ما يسمحون للأفكار والمشاعر السلبية بالسيطرة على حياتهم لفترات طويلة، مما يقيدهم عن تحقيق إمكانياتهم وتجاوز الحدود المألوفة.
تتمثل أهمية التأثير على العقل الباطن في قدرته على إدارة الطاقات العاطفية والنفسية. يتعامل العقل الباطن مع لغة الأحاسيس والمشاعر، وهو يستجيب لها بشكل تلقائي، مما يؤثر على تفاعلاتنا البدنية والعقلية. هناك نوعان رئيسيان من التأثير على العقل الباطن:
البقاء على قيد الحياة: يعتبر تجنب الشعور بالخوف والقلق والاستسلام للمشاعر السلبية أمورًا ضرورية لتفادي تأثيرها على العقل الباطن. التأثير على العقل الباطن يمكن أن يكون وسيلة للتعامل مع تلك المشاعر السلبية بشكل فعّال، مما يسمح للفرد بالتحكم في نفسه والسير قدمًا بثقة.
تحقيق التقدم والتطور: من المهم أن نتعلم كيف نهدأ أنفسنا في اللحظات التي تغلب فيها المخاوف على تفكيرنا. على سبيل المثال، يجب التغلب على مشاعر الرفض أو الشك في الذات. عندما نشعر بالأمان النفسي، يمكن للعقل الباطن أن يعمل على تعزيز حالة الحماية الذاتية.
لزيادة قوة العقل الباطن واستثمارها بشكل فعّال، يُقترح اتباع الخطوات التالية:
تحديد الأهداف بدقة: يجب تحديد الأهداف التي نرغب في تحقيقها بوضوح تام. يجب كتابتها بكل تفصيل واهتمام، حيث أن كتابة الهدف تعمل على توجيه العقل الباطن نحو تحقيقه.
تخطيط التحقيق: يمكن استخدام تقنيات مثل التخطيط العكسي لتتبع الخطوات المحققة والتقدم المحرز نحو الهدف.
التفكير الإيجابي والتخيل: يجب تخيّل نجاح الهدف مرارًا وتكرارًا بتصوّر حيوي وواقعي، وكأنه قد تحقق بالفعل. هذا التخيل يعزز قوة تحقيق الهدف.
التصرف بثقة وجرأة: يجب التصرّف كما لو كان الهدف قد تحقق بالفعل، والاستمرار في العمل نحو تحقيقه بثقة تامة.
إعطاء العقل الباطن وقتًا للراحة: يجب الاعتناء بالراحة والاسترخاء اليومي، حيث يمكن للحالة الهادئة للعقل أن تسهم في تطوير مسارات عصبية جديدة وإشراك العقل الباطن بشكل أفضل.
في الختام، يُظهر استثمار قوة العقل الباطن فرصًا كبيرة لتحقيق التقدم والتغيير الإيجابي في حياتنا. من خلال توجيه أفكارنا وتصرفاتنا نحو تحقيق الأهداف، يمكننا استثمار هذه القوة الداخلية لتحقيق النجاح والتطور في كافة جوانب حياتنا.