الفقر في الأردن: تحديات وآفاق لمستقبل أكثر إشراقًا
عبدالله ابوعلي
11-08-2023 07:32 PM
لا يمكن لأحد أن ينكر أن الفقر هو من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، والأردن ليس استثناءً، يواجه هذا البلد العربي الكثير من التحديات في محاربة الفقر والحد من انتشاره يعتبر الفقر ظاهرة معقدة ترتبط بعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتتطلب استراتيجيات متكاملة وجهود مشتركة لمعالجتها بفعالية.
تضطلع الحكومة الأردنية بجهود كبيرة لمكافحة الفقر، وتعمل على تطوير سياسات اقتصادية واجتماعية للتغلب على التحديات المتعلقة بهذه الظاهرة ومع ذلك، مازالت هناك بعض العوامل التي تحول دون تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.
أحد أسباب الفقر في الأردن هو التضخم المتصاعد والذي يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وقدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية قفزت أسعار السلع الأساسية، مثل الغذاء والوقود مع ثبات الدخل أدى إلى زيادة الضغوط على الأسر الفقيرة واصبح من الصعب على هذه الأسر توفير مستلزماتها اليومية، ويؤثر ذلك بشكل كبير على مستوى معيشتها وجودتها.
إضافة إلى ذلك، تعاني الأردن من نقص في فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان ويصعب على الشباب الحصول على فرص عمل ذات رواتب جيدة، مما يعرقل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ويؤثر سلبًا على مستقبلهم.
أيضًا، تتأثر مناطق محددة في الأردن بشكل أكبر من غيرها بسبب قلة الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة تفتقر هذه المناطق إلى المدارس والمستشفيات والمرافق الأساسية الأخرى، مما يعيق فرص تحسين ظروف المعيشة والحد من الفقر المنتشر في هذه المناطق.
إن التحديات المتعلقة بالفقر تشكل ضغطًا كبيرًا على المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على تقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية ومع ذلك، فإن هذه الجهود وحدها لا يمكن أن تكون كافية لحل المشكلة، بل يجب أن تتوجه جهود مكافحة الفقر إلى التعاون المشترك بين الحكومة والمنظمات غير الربحية والقطاع الخاص.
لتحقيق تقدم ملموس في مجال مكافحة الفقر، ينبغي على الحكومة الأردنية تعزيز برامج التوعية والتثقيف الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير البنية التحتية وتعزيز فرص العمل، وتحسين التعليم والرعاية الصحية كما يتطلب الأمر تعزيز الشفافية في إدارة الموارد الوطنية ومكافحة الفساد لضمان توزيع الثروة بشكل عادل لجميع شرائح المجتمع
إن السعي نحو تحقيق التقدم والتنمية المستدامة من خلال تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية يجب أن تكون مبنية على دراسات دقيقة وأرقام واقعية لتحديد الأولويات وتوجيه الاستثمارات بفعالية.
على الصعيد الاقتصادي، يمكن أن تلعب السياسات الحكومية دورًا محوريًا في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة و ينبغي أن تتركز هذه السياسات على تشجيع الاستثمار وتقديم الحوافز للشركات لزيادة نشاطها في الأردن، وبالتالي توفير فرص عمل جديدة للمواطنين. كما يجب أن تسعى الحكومة إلى تحسين مناخ الأعمال وتسهيل الإجراءات البيروقراطية لتشجيع ريادة الأعمال وتحفيز الابتكار والاستثمار في القطاعات الحيوية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم التركيز على تطوير البنية التحتية في المناطق النائية والمهمشة، يعد تحسين الطرق والمرافق والخدمات الأساسية مثل : المياه والصرف الصحي والكهرباء .. من الخطوات الأساسية للتخفيف من الفقر وتحسين مستوى المعيشة في هذه المناطق.
على صعيد التعليم، يجب أن تكون الحكومة ملتزمة بتوفير التعليم الجيد والنوعي للجميع، بدءًا من التعليم الابتدائي وحتى التعليم العالي ويجب أن تتخذ الحكومة إجراءات للتصدي لمشكلة التسرب المدرسي وتعزيز برامج التدريب المهني لزيادة فرص العمل للشباب الذين لا يكملون التعليم العالي.
كما يجب أن تولي الحكومة اهتمامًا خاصًا للرعاية الصحية وتوفير الخدمات الطبية اللازمة للمواطنين بأسعار معقولة وينبغي أن تعمل على تعزيز برامج التأمين الصحي وتطوير المستشفيات والمرافق الطبية لتحسين وضع الصحة العامة في البلاد.
في نهاية المطاف، يمثل الفقر تحديًا جسيمًا يتطلب جهودًا متواصلة وإصرارًا قويًا للتغلب عليه إن تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن يتطلب تعاونًا شاملاً بين جميع أفراد المجتمع والقطاعات المختلفة من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة وفعالة، يمكن أن يحقق الأردن تقدمًا حقيقيًا في مكافحة الفقر وبناء مستقبل أكثر إشراقًا لجميع مواطنيه.