الحوار الذي بث على الهواء مباشرة بين الشيخ حمزة منصور والوزير أيمن الصفدي من شاشة التلفزيون الأردني كان مشهداً جديداً في البلد.
فيما يلي بعض الملاحظات على الشكل فقط, أي أنها ليست ذات الصلة بمحتوى الأفكار التي قالها الرجلان. والشكل في هذا المشهد قد يفوق المحتوى في أهميته أحياناً وذلك لأن الجديد فيه يكمن أساساً في الشكل.
من موقع المشاهد يمكن القول أنه كان هناك قدر من عدم الإنصاف التلفزيوني بين الضيفين, فجلوس الوزير في المنتصف وفي مواجهة الكاميرا الرئيسية يعطيه بعض الأفضلية, وكان يتعين أن يجلس مدير الحوار بين المتحاورين. من جهة أخرى فقد أعطي الوزير كلاً من بداية الكلام وخاتمته, وهو ما أتاح له فرصة التحكم بمدخل النقاش وختامه, وهو أمر مهم في هذه الحالة, وفي العادة يجري توزيع البداية والخاتمة بعدالة. ببساطة لقد ظهر الوزير بوضوح كـ "صاحب بيت". وفيما عدا ذلك ظهر مدير الحوار عادلاً, فلم يقاطع أحداً لصالح الآخر ولم يستحسن وجهة نظر مقابل أخرى, كما جرت العادة عند بعض زملائه.
الجانب الأكثر أهمية يتعلق بسلوك التلفزيون عموماً تجاه الإسلاميين, حيث تجري استضافتهم أو حرمانهم من الاستضافة بحسب الرغبة الرسمية, فمثلاً قبل أسابيع فقط ومع موسم الانتخابات كانت الشاشة ميداناً لتلك الانتقائية, فلم يكتف التلفزيون بحرمان الإسلاميين, بل استدعى على عجل شيوخاً كانوا سابقاً مع الحركة الإسلامية وهم الآن من الخصوم أو الأنداد السياسيين لها لكي يقوموا بالرد على موقف الحركة, وقبل ذلك بأشهر وعند احتدام الخلاف الداخلي في صفوف وقيادة الحركة بالغ التلفزيون في تغطية أخبار خلافات الحركة واستضاف محللين لهذه الغاية ومنهم منتمين إلى طرف واحد من الخلاف.
في الثقافة "التلفزيونية" الشعبية في الأردن, لا تزال كلمة (تلفزيون) تعني التلفزيون الرسمي, أما بالنسبة للقنوات الأخرى بما فيها القنوات المهمة فتسمى بأسمائها, فيقال مثلاً: "شاهدنا على الجزيرة" أو "على المنار" أو غيرهما. وهذا الوضع يعطي التلفزيون الرسمي ميزة, لكنها تتطلب قدراً من الحساسية المهنية غير متوفرة لغاية الآن ولو بالحد الأدنى... والله أعلم.
ahmadabukhalil@hotmail.com
(العرب اليوم)