نحن اكثر أهمية من كل تلك الأشياء ..
احسان الفقيه
22-01-2011 02:21 AM
غافلتْ القصيدة، تخطّت عقدة السلالم الموسيقيّة، رفعت طرف ثوبها الفضفاض كي لا تتعثّر بقافية حياديّة تمّ إقصاؤها منذ أن التزمت القبيلة بما لا يلزم، عليها إذن أن تُهادن المُدُن المسروقة على حفنة حياة، أن تكُفّ عن سرد الحكايات، أن تُغيِّر كلّ عاداتها، أن تتنازل عن اللغة والمعاني والمفردات. أتساءل:هل يكفيها التمزّق بعد أن يُفردها الخطو وينفضُّ عنها رفقاء البوح.. عن أيِّ موتٍ تبحثين أيّتُها الحمقاء.. وهل من حياة بلا رفاق..؟؟
***
دمّرتني رواية شرق المتوسط لعبدالرحمن منيف لكنها لم تدفعني للعيش كمواطن عادي بل دفعتني الى المطالبة بضرورة أن يخرج الروائي العربي من مناخات القمع المرعبة الى فضاءات أرحب ترصد إيقاعات أخرى للإنسان العربي بوصفه بشرا عاديّا.. يُحبُّ ويكره ينجح ويفشل يقاوم التهميش ويرفض أن يعيش في جلابيب البُلهاء، أعرف أن القمع هو أصل الحكايات البائسة في بلادي الا ان علينا أن نتحدث عنّا كآدميين عاديين أكثر من الحديث عن سجوننا ومزابلنا ولصوصنا... نحن أكثر أهمية من كُلّ تلك الأشياء..
***
أنا سليلة حزن لا جدوى من أُفوله.. أحلامي لا تقبل القسمة ولا تُجيد الطرح ولا تُحبّذ مضاعفة التمنـِّي.. باهظٌ ضعفي.. يسّاقط مُلتحما برحم الجدران كتعويذة..
لاشيء ينمو فيها إلا الزمن وتفاصيل وجهٍ "ما".. لا زال هناك في ذات المقهى عبِقا بلهفتي البكر حين التقيتُك أوّل مرة...
****
وكأني أمتلك سرّ عبث الأشياء.. لا أعرف كيف يحتمل الليل دخان كل هؤلاء المتعبين..
أمكنة سريّة.. قطط، فئران، زوايا مُعتمة، أنفاق سريّة، حانات للوهم وأخرى للبؤس، أصدقاء طفولة فقدوا ملامحهم، كتب لم نعد ننفض عنها الغبار ورفقاء كأس محزونين حدّ التجشؤ والضجر.. الأيام تشبه الأيام.. وبؤس شعب يشبه وجع شعب آخر..
ياويل قلبي من ثرثرة التذكّر.. والمُدن تنزلق راكضة على أناملها.. والرُعاة الجبناء ثمِلون.. عفِنون.. غافلون و مُغفـّـلون..
*الكاتبة اردنية تعيش في الامارات
ehssanfakih@gmail.com