سلطة الشرعية أم شرعنة السلطة؟
وائل البرغوثي / الدوحة
22-07-2007 03:00 AM
ما أشد اشتياقنا اليوم لحكمة دودة القز التي تقف شامخة أمامنا لأنها تحكم صنعتها ولا تنتفع بها!لم أرغب بالحديث عن الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني، وهو خلاف وليس بصراع كما يدعي الكثير، فهذا حدث بالسابق ونتمنى أن لا يحدث ثانية. ولكن السبب الذي دعاني إلى كتابة هذا المقال هو حديث محمود عباس عن شرعية حركة فتح وشرعيته هو كرئيس لسلطة فلسطينية اليوم 17 يوليو 2007 أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ضارباً بعرض الحائط جميع الحلول الداعية لحل هذا الخلاف.
لقد كثر الحديث وطال عن الشرعية الفلسطينية ولمن تؤول هذه الشرعية بوجود فصيلين فلسطينيين يتنازعان إعلامياً وعلى الأرض على كرسي بلا أرجل وعلى أحقية كل منهما بشرعية كيانه بشكل خاص ملتحفاً بلباس الذود عن القضية الفلسطينية بشكل عام متناسين قوى أخرى قاومت وضحّت للذّود عن القضية.
برأي البعض، لم يبدأ هذا الخلاف عندما فازت حركة حماس بالانتخاب الديمقراطي للشعب الفلسطيني في الداخل، بل تعود جذوره عندما أخذ الشعب الفلسطيني وعدا ممن لا يملك لمن لا يستحق بمصادقة الملوك والرؤساء العرب على تغيير البعد القومي الذي أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية من أجله واستئثار حركة فتح واستفرادها بالقرارات المصيرية للشعب الفلسطيني إثر هزيمة حزيران. فنذكر وعد بلفور الغاشم الذي أعطى فيه أرضا لا يملكها وعهداً بإقامة وطن يهودي في فلسطين لمن لا يستحق ونغفل عن النسخة العربية منها.
إذا أردنا الحديث عن الشرعية بشكلها العام والخاص أيها الرئيس، فكثير من فلسطينيي الداخل والخارج أو في الشتات على وجه العموم لديهم شرعية تفوق شرعية العديد من قيادات فتح، شرعية أقدس لأن كثير منهم قدموا الشهيد تلو الآخر ولا أذكر بأن أعضاءاً في منظمة التحرير الفلسطينية قد قدموا شهداء من عائلاتهم قرباناً للقضية الفلسطينية، ويبذلون ما باستطاعتهم لمساعدة الشعب الفلسطيني عن طريق التبرع المباشر، وهو ليس بتبرع بل حق فلسطينيي الداخل على فلسطيني الخارج. هم أحق بالشرعية القانونية حيث أنهم ما زالوا يحافظون على الهوية الفلسطينية بأفئدة أبنائهم وبناتهم حتى لا ينسوا أو يُسقطوا من أحلامهم أمل العودة إلى فلسطين. شرعية هؤلاء أطهر من شرعية ما تتغنى به بعض كوادر الفصيلين اللذان لا يرتقيان بشرعيتهما المتخالف عليها إلى الحد الأدنى من تضحيات الشعب الفلسطيني.
إن السلطة الزائفة التي تتصارعون خلفها ما هي إلا كالماء المالح الذي يصيبه الكلب فيجد فيه ريح اللحم، فلا يزال يطلب ذلك حتى يدمي فاه، ولا أحد منكم يستطيع الوقوف أمام حذاء جندي صهيوني عند معبر محتل.
نناشدكم تنظيف وتطهير حركة فتح من كوادرها الفاسدة، ونناشد حركة حماس أيضاً تطهير بيتها الداخلي من بعض القيادات التي ترغب في سلطة ما أو الثأر لأمر فاتها، وندعو الفصائل الفلسطينية جميعها إلى التدخل لوضع حد لهذا الخلاف ليواجه الشعب الفلسطيني استحقاقات جديدة فُرضت عليه في المرحلة المقبلة.
وما أصدق ما قاله الشاعر أحمد مطر في أعوام الخصام:
وغدونا بعد أن كنا شهودا،
موضعاً للإتهام
وغدا جيش العدا يطرحنا أرضاً
لكي يذبحنا جيش النظام
أقبلي، ثانية، أيتها الحرب..
لنحيا في سلام...