تمارين المظاهرات و الشد العضلي السياسي
د.عبدالفتاح طوقان
21-01-2011 04:13 AM
كانت العقود الماضية "امتلاكا قصريا" لنوع معين من فئات خاصة ذو ارتباطات خارجية و امتدادات عقائدية و تنظيمات فلسطينية ، مجموعات قادرة على سرقة "الحق الاردني و الحلم الوطني " في وطن اردني و عملت على صياغة مستقبل الاردن ليتملكها اخرون ، و كان هناك تعاطف خلقه الماهرين من القصاصين و الرواه و القادرين على برمجة العقول و خداعها و من لديهم افيون السياسة الدينية و التى بعض من اعضائها تم حشرهم عنوة في التيار السياسي الاردني و توزيرهم على حساب ابناء الاردن الذين تعرضوا لموجات من الكهرومغناطيسية السياسية العكسية غصبا عنهم .
كان عنوان المرحلة "الحركة الاردنية لاجل اردن المستقبل الابداعي ممنوعة ". و لذلك كان المشرط الجراحي غير قادر على ازالة السرطان السياسي بل مضطرا للتعايش معه. اليوم الحال مختلف ، في ظل نظام جديد ساعي للتميز و الحضارة و الابداع.
كان التاثير في الساحة الاردنية من قبل مجموعات قائمة تقسم الوطن الواحد الى جزئين ، احدهما يعتمد على الفكر القادم من شرق الاردن و اقصد العراق و من يلتف بلباسهم ، و الاخر قادم من غرب النهر و اقصد التنظيمات الفلسطينية و كان الاردني الذي يتحدث عن الاردن المزدهر و الاشباع الوطني يواجه بالتخبط و عدم الانتماء و السلبية و الازدراء، و كان اللعب على العواطف و سيمفونية التخوين و اتقان اغتيال الشخصية و التهجم على الدولة و النظام من اشخاص قدم لهم الاردن الاستقرار و الامن هو ما يميز تلك المرحلة ، الى اليوم الذي شاهدنا المجلس النيابي السادس العشر و المنتخب ممثلا بعشائره و ابنائه و مستقليه و اسرته و مؤسساته ، و الحاضر بقوة و عقلانية جديدة كاملة في عصر النظام الجديد و فكر التميز و الابداع و لمسة التصميم على النجاح و الاستقلال ذو الابتكار ليواجه من قبل تلك التيارات و بقاياها بمحاولات تفتيت القرص الالكتروني السياسي و تعطيل برامج الاكسل الحكومية و شد عضلات الانجاز ، ويتم ذلك من خلال محاولات التلاعب بمشاعر ابناء الاردن المتضررين من ارتفاع الاسعار في محاولة لتأجيج الصراعات مع الحكومة و بناء حواجز بين الشعب و المجلس النيابي وتكوين علاقات سلبية و باختصار الدفع بمظاهرات خارج الدستور و النظام و القانون.
من السهل تجاهل التظاهر لانه حق ما دام ضمن الدستور و الانظمة الحاكمة له ، و لكن ليس سهلا تجاهل الدوافع وراء تخريب الشارع و تغير الحياة المتجدده الامنة و الاملة في وطن اردني شاهق مستقر.
و الان عندما يقال ان المجلس النيابي قد اتى بنسبة ثلاثة عشر بالمائة من الشعب ، و هو رقم اطلقته جماعة الاخوان المسلمين ، علما بأنه يفوق الثلاثة و عشرين بالمائة ، يجب التوقف امام انتخابات نقابة المهندسيين التى يتراسها و منذ فترة "صقور الاخوان المسلمين " و في اعلى رقم لم يتجاوز نقيب المهندسين اكثر من خمس بالمائة من جموع المهندسين ، و يطالبون المجتمع بالانصياع للجانب العقلي من نفحة تسييس الدين في النقابات و المؤسسات و الاعتراف بشريعة الانتاخب بمن انتخب و يرفضوت ذلك في المجلس النيابي .
و مع تلك النظرة السريعه فهل خمسة بالمائة كافية في النقابات و عادلة و مقبولة في مقابل الثلاثة عشر بالمائة في المجلس النيابي المرفوضة و التى وصفت بأنها مزروة .
الارقام التى تروق للتيارات العقائدية و الحزبية يتم اتمتتها و تصميمها و تقبلها بحيث تروق اجتماعيا و اقتصاديا و تعتبر انتصار و غيرها من اضعاف النتائج و نسبها الاعلى في مؤسسات و مجالس اخرى هي صورة تعثر و تزوير و تخبط ؟ ، اليست تلك لمسة فاصلة في احساس ضعيف لتمويج النتائج و تميعها ؟.
يتسائل البعض هنا كم عدد الموافقين على ما يجري في الشارع ليرفعوا ايديهم ؟ و ما هي نتائج اسقاط الحكومة ان حدث ؟ و ماذا بعد الحكومة اليس اختيار حكومة تتعامل مع نفس المعطيات و نفس الموازانات و نفس العجز ؟، ما معنى حكومة انقاذ او حكومة قيصرية او حكومة وطنية او حكومة نرجسية او اي مسمى ، المتغير الاسمى يختلف و الواقع الاستاتيكي الرقمى بيقى كما هو ؟ ، يتم تغير الشخوص و يتم الابقاء على الافعال .
محامون ، مهندسون ، طلبة ، مبرمجي كومبيوتر ، رجال اعمال ، فقراء ، بسطاء ، سيدات ، هم و غيرهم من الجميع متضرر من احداث 2008 العالمية و انهيار الاسواق المالية التى انعكست على الاردن ، و الجميع قادر و مستعد ضمن "الاطر الدستورية و القانونية " على المشاركة في مسيرة احتجاج رمزية لايصال رسالة ، و لكن ليس بما يرتب له من فئات معروف اهدافها و مصالحها ضمن مظاهرات توحي بمستقبل مظلم قادم و رؤى مزيفة للاخلال بالامن في الاردن و محاولة للدفع بدبابة دينية لحكم مستقبلي و هو امر مرفوض .
العالم تغير كثيرا في السنوات الثلاث الاخيرة ، الاستخدام الكمي للجموع و حشد التاييد عبر الانترنت ، و التاثير الكمي عبر المواقع ، انكماش الاعمال التقليدية في مقابل الشبكات العنكوبتية ، انهيار البورصات و المؤسسات المالية ، و مشاكل الطاقة ، الصحة ، التعليم ، سقوط امبراطوريات المال ،الزلازل و البراكين و الفيضانات التى انهت مناطق و حياة ملايين البشر و غيرها واقصد هنا انه لم يعد الواقع كما كان ، و لم تعد السياسة و الاقتصاد كما كانت .
لقد اتت الانهيارات العالمية لتخفي فشل حكومات سابقة في موازاناتها و ليختبئ واضعي الاستراتيجيات التى اوصلت الاردن الى احد عشر مليار من المديوينة خلف متاهات ما حدث عالميا ، انهم المسؤولوون عن العجز فحاسبوهم و ليس الحكومة الحالية او من يليها.
ان العجز و الفساد و المديونية هم تراكم حكومي سابق و لم يأت بها شخصا من الهند او من تايوان و لا يمكن لشخص من الصين او من امريكا ان يؤدي عمل الحكومة اسرع او افضل مما تقوم به.
عل من يتاجر بقوت الابرياء ، بحق المتضررين في ايصال رسالة عبر الطرق القانونية ان يستخدم جانبي عقله لا الجانب السلبي . المظاهرات ليست لعبة و ليست للمتعة او التسلية مع الشارع باستخدام ادوات العصر الحديث من التفاعل الكمي ، المطلوب هو تعامل منطقي مع الواقع و بجديه.
المتضررون غاياتهم ايصال رسالة و قد وصلت ، انهم يبحثون عن السعادة و الاطمئنان و هذا واضح في طريقة مطالبهم ، و لهذا اعتقد ان حركة الحلول الروتينية و التواصل عبر تثوير الشارع اسواء من الفكر المريض الذي يصور للمجتمع قدرة الاردن على تجاوز المديوينة باسقاط الحكومة، و هذا يعني خداع الناس بمظاهرات تقيد يد مجلس النواب خلف ظهر الحكومة.
الاردن يعي تماما لكل هذا التغيير و هو في مرحلة دخول عالم مغاير متقدم عما كانت عليه ايام خلت ،و يعي لمؤامرة التقسيم ، لمؤامرة الاحلال ، لمؤامرة الوطن البديل ، لمؤامرة زعزعة الامن ، لمؤامرات عدة و لديه استراتيجية النجاح و البقاء و التميز و الاستمرار تحت مظله هاشمية جامعة مدركة لغيوم و تلبد السماء .
الحكومة "الرفاعية " رفضت السير وراء " المقدرة القصصية لخلق اسباب واهية لتأجيل المشاكل " و قررت تفسير الواقع و التجاوب معه ضمن اتجاه اوسع لدمج قدرات المجتمع في مواجهة الخلل الذي ورثته في زمن يخلو من المعجزات.
تعتاش تلك الفئة التى تتلاعب بمشاعر الناس و التى تدعو للتظاهر مع البسطاء و الامناء و ابناء الوطن الغيورين الصابرين و الخروج من المساجد، بعد صلاة الظهر يوم الجمعة ، على ان الشعب غير مهيء لفهم المنطق وراء اختراقهم عفوية المظاهرة و انه شعب مهيء لسماع قصص انبياء تونس ، و هم مخطئون حيث لا مكان التعميم ولا مكان للعواطف الانسياقية وراء الافيون و تمارين الاستعراض المسيس الساعي للحكم.
aftoukan@hotmail.com.