قنوات "الترفيه" لم تلتفت لما يحصل حولها ، من تغيرات نرجو أن تكون جذرية ، فهي مستمرة في تقيؤ منتجات مقززة،.
بحكم تقليب القنوات ، والتعرف على ما تبث ، لاحظت بمحض الصدفة والله ، أن ثمة تقليدا جديدا بدأ في كليبات الأغاني النسائية تحديدا ، إذ غالبا ما يضم أي كليب لقطة أو عدة لقطات للمغنية وهي في الحمام ، أو في غرفة النوم ، أو في مكان قريب من هذا المناخ ، كي يتيح لها التعري في سياق يبدو طبيعيا ، كما هو شأن أفلام زمان ، إذ لا بد للبطل من زيارة الاسكندرية لعرض لقطات من الشاطىء ، كنوع من التوابل والمقبلات ، وإن لم يتيسر فلا بأس من زيارة كباريه في شارع الهرم لإضافة فقرة هز بطن عالسريع،.
حسب ثقافتي الفنية المتواضعة ، أول ظهور للبانيو في أغنية كان في زمن المقدم محمد عبدالوهاب ، وفي أغنية "المية تروي العطشان" حيث بدا رحمه الله جالسا في البانيو "ويفرك" أو "يهرش" جلده وقد غطته رغوة الصابون ، أما الآن ، فالمشهد يتكرر على نحو مكثف ، مع مؤثرات أكثر إبهارا من مشهد بانيو عبد الوهاب بالأبيض والأسود،.
طيب شو يعني؟ سؤال قد يتبادر إلى ذهن القارىء ، خاصة في يوم جمعة كهذا ، حيث يخطط اليسار لجعله "يوم الغضب" الثاني في التاريخ الأردني الحديث ، إلى ذلك ، فيوم الجمعة مكرس للتقوى والاستغفار بما فيه من صلاة جمعة جماعية ، فضلا عن طبخة الأسبوع المميزة ، وصحن الفول الصباحي ، أو مناقيش الزعتر والبيض ، فشو جاب سيرة البانيو لهذه الأجواء؟.
بصراحة.. الصور مختلطة لدي ، أولا استفزتني مشاهد المغنيات وهن يجلسن في البانيو في حالة يفترض أن تكون سرية ، تخيل أن يدخل عليك رجل بكاميرا وأنت تستحم (،) كما استفزني أيضا مشهد اللامبالاة الذي وقفته جماعات وأحزاب وقنوات فضائية مما يحدث في تونس ، والدوائر المنداحة حولها ، أشعر أن الأجواء العربية الآن تشبه إلى حد كبير الأجواء التي سادت إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، البعض يشعر بالتغيير ، والآخر يريد أن يطوي هذه الصفحة بكل سرعة ، كي لا تترك أي أثر ، اختطاف ثورة تونس أولوية كبرى لدى الكثيرين ، لإفساد النوذج وتخريبه ، كي لا يتكرر ، قنوات الترفيه وتكثيف كليبات البانيو جزء من المؤامرة على الشعب العربي ، أو هكذا يبدو لي،.
المية تروي العطشان ، وماء ثورة تونس قد لا يروي شعبها ، بعد ان تنادى المرعوبين من نتائجها على صعيد دول الجوار القريب والبعيد لإجهاضها بكل السبل ، قنوات الترفيه تتآمر علينا وعلى تونس ، ولو بشكل غير مباشر ، من خلال هذا الغثاء الذي يفيض في بيوتنا،.
ثمة متآمرون سريون على تونس وعلى العرب ، لأنهم لا يريدون أي تغيير ، ولكنني على ثقة أن الشارع العربي الذي عاد إلى الحياة بعد طول كمون ، كفيل بالتقاط الشرارة التي انطلقت من تونس.
hilmias@gmail.com
(الدستور)