في مجتمعنا اليوم الكثير من المتناقضات التي تجعل الفرد منا يتعجب لها ويقف عندها حائراً.. ولعل من هذه المتناقضات هي الشكوى المؤسفة للعديدين مِن مَن يدعون تعرضهم الدائم للعين والحسد.. فمما لا شك فيـه أن الحسد حقيقة لا مناص منها، وبأن «العين حق».. لكـن المشكلة تكمن في أن بعض الناس قد تلبس بهم الوهم لدرجة أنهم اصبحوا يظنون بأنهم مصابون بالعين في كل شيء، فكلما اخفقوا في شيء في الحياة أحالوه إلى العين والحسد!!
المرضى بوهم الحسد والعين بمجتمعنا كثر!! فإذا فشل إنسان ما في عمله، فإنه يعزو سبب فشله إلى إصابته بالعين من قبل حساده، وإذا رسب فلان في دراسته يرجع السبب أيضاً إلى حسد مبغضيه.. السبب يعود دوماً إلى العين عند هؤلاء، وكأنهم بذلك يقولون لأنفسهم بأنهم هم العباقرة، ولكن أعداءهم منعوهم من النجاح!!
أذكياء العالم أمثال «ابن رشد وابن خلدون وسقراط»، ولم يعيشوا هذا الوهم المحبط كانوا قد أجبروا التاريخ على تخليد أسمائهم بأحرفٍ من نور.. وكذلك الأمر بالنسبة للناجحين في مجتمعنا اليوم فإننا نراهم واثقين من أنفسهم وقد شقوا طريقهم الى النجاح بثبات في كافة التخصصات.. لكن المتقاعسين والمتخاذلين هم وحدهم الذين يصرون على البقاء في آخر الصف بحجة أن الحسد والعين قد أصابتهم ولم تصب غيرهم من اللامعين والمتفوقين!.
بما أننا نعيش اليوم ضمن مجتمع تسوده التعددية، لذا فإنه من الطبيعي جداً أن نجد فئات ونوعيات مختلفة من البشر.. فهناك فئة متخصصة من البشر مِن مَن يقضون جل أوقاتهم للأسف في مراقبة الناس بدافـع الغيرة والحقد، فحقدهم المتنامي هذا قد يقودهم بالنهاية إلى الوصول لحدود هستيرية.. ولأجل هذا نرى بعضهم قد أصيبوا فعلاً بإعتلالات وأمراض نفسية قد توصف بعضها بالخطيرة والمؤذية، وذلك لأن حقد هذه النوعية من البشر لا يكل وأنظارهم لا تمل أبداً من ملاحقة شأن الغير، وكل هذا يضاعفهم كراهية ويزيدهم هماً، إضافة إلى أن مخزون الحقد الدفين لديهم قد يجعلهم يتطاولون عليك ويغتابونك في كل مجلس، حتى عندما تكون قد أسديت لهم من الخدمات ما لم تسده لأحد من قبل!!.
هذه النوعيات من البشر والتي تحمل الكثير من الصفات السلبية بين ضلوعها قد ازدادت نسبتها مؤخراً في مجتمعاتنا، وأصبحت تنتشر كالمرض الخبيث الذي عندما يصيب موضعاً في الجسم ينتشر بسرعة في سائرة إذا لم يحارب بالدواء والبتر كي يتوقف.. فهذه الصفات السلبية عادةً ما تبدأ بالشخص نفسه ثم تنتشر بين الأفراد والجماعات لتصل إلى المجتمع بأسره.. لذا وجب علينا محاربة هذه الصفات والتصدي لها لإيقاف زحفها قبل أن تقضي على علاقاتنا الإنسانية الطيبة في هذا البلد الطيب!!.
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)