اصنام الجاهلية!! * ماهر ابو طير
ماهر ابو طير
20-01-2011 02:37 AM
عبد العرب الاصنام في سابق ايامهم ، والصنم الشهير الذي كانت تتم مجاملته بتعبير يقول "اعلُ هبل" لم يتم تكسيره حتى الان.
تكسرت الاصنام ، في لحظة نورانية ، غير انها بقيت معبودة سراً ، لاننا نرى معظم الشعوب العربية تصفق للحاكم ، في كل مناسبة ، والذين رأيناهم يهللون للنميري ، في السودان ، ولزين العابدين في تونس ، كانوا يعرفون انهم امام ظلمة لكنهم هللوا لهم وصفقوا،.
ذات الشعوب المصفقة صفقت ايضاً لزعماء اخرين ، لكنها كلها اختبأت لحظة انقلاب او حرب او مواجهة صعبة.
في تونس وحدها ما يزيد عن مليوني منتم لحزب الرئيس المخلوع ، كانوا يهللون ويصفقون ، لكنهم بعد سقوط النظام خرجوا عبر الفضائيات ، من الوزير الاول ، الى امبراطوار الاعلام ، ليتبرأوا من الصنم ، وليقولوا لنا بكل صفاقة ان لديهم تحفظات على الرئيس.
الشخصية العربية تعاني من انفصام حاد ، والفرق بين هؤلاء ومحمد البوعزيزي ، واضح. في الوقت الذي كان فيه الملايين يهتفون بقولهم "اعل هبل" خرج البوعزيزي ليحطم الصنم وليحرقه امام العالم.
التوقيت حساس وخطير. كم من نظام عربي سيرسل اليوم متفجراته الى تونس لحرقها من الداخل ، وكم من نظام سيرسل مخربين لهتك تونس ، ولاثبات النظرية التي تقول ان الحاكم الظالم والسارق افضل بكثير من الموت والفوضى ، وكأننا بين سيفين،.
حرر الله النفس البشرية من العبودية لغيره ، واذ تأبى النفس الا العبودية لغيره ، فتذيقه كل البشاعات والمرارات ، الا ان احداً لا يتعلم ، فلا الصنم راغبا بالخروج من صنميته ، ولا الشعوب قادرة على الخروج من عبوديتها.
ليس اسوأ على تونس من احد خيارين ، اولهما سيأتي الينا بصنم آخر ، والثاني سيسرق كل تونس الى الحرب الداخلية والفوضى والاقتتال ، وتصدير الموت والتفجير من الخارج ، من اجل جعلهم يدفعون ثمن تمردهم على الصنم.
القصة ليست اغاثة زين العابدين ، ولا شفقة عليه. القصة قصة الرغبة بتكريس عبادة الاصنام ، وتعليم العرب كيف ان الكلفة ستكون مرتفعة لو قرر احد ما التمرد على الصنم الذي يعبده.
درس تونس يقول لك ايضاً ان دولة الفرد الواحد بلا مؤسسات ، وبلا صلابة داخلية تنهار في خمس دقائق ، فيرحل الفرد ، وترحل البلد معه. هذه هي اخطر خلاصة تأخذنا اليها القصة التونسية ، كما اخذتنا اليه قصص اخرى.
صنم قرطاج تحطم ، غير ان رفاقه سينصبون لنا اصنام اخرى لنعبدها ، فاذا لم نقبل حرقوا الاخضر واليابس. هي محنة الوقت والتوقيت. محنة التاريخ والجغرافيا. تقول لك ان تحرر اي شعب ، لا يكون الا بتحرر الذات والنفس ، قبل كسر الصنم ونثر رماده.
"زين العابدين" الاسم الحركي لصنم رحل ، وقد باتت الاصنام تختار اجمل الاسماء وارقها حتى تحتال علينا بما لطف من اسماء ، وبما فاض فيها من معنى.
"اعلُ هبل" وما زال صيحات الجاهلية فوق رؤوسنا،،.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)