هل يحتمل الفلسطينيون .. هل يحتمل لبنان؟!
منير الحافي
07-08-2023 11:02 AM
وكأنّ لبنان لا يكفيه ما يجري فيه من مآسٍ وويلات على كل الصعد، وكأن فلسطين لا يكفيها ما تعانيه من إسرائيل واعتداءاتها على الناس والأرض والتاريخ، حتى المستقبل، يقتتل الفلسطينيون على أرض لبنان.
آخر قتال بدأ في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب صيدا جنوب لبنان في 29 تموز الفائت، واستمرت الاشتباكات حتى مساء الأربعاء مسفرة عن مقتل 12 شخصاً وإصابة 60 آخرين.
ما نشر في الإعلام أن صراعاً للسيطرة على أكبر مخيم فلسطيني في لبنان من أصل 12 مخيماً، يجري بين حركة فتح برئاسة «أبي مازن» والتي كان يرأسها تاريخياً «أبو الفلسطينيين» الراحل ياسر عرفات، وبين جماعات متطرفة في المخيم.
في كل مرة يبدأ الخلاف فردياً لكنه ينتهي بمحاولة السيطرة على مواقع لفتح أو لمنظمة التحرير أو أي فصيل «معتدل» يدور في فلك منظمة التحرير، مرات عدة، كانت فتح ومناصروها يفشّلون محاولات تقويض سلطتهم على عين الحلوة وعلى مخيمات لبنان عموماً، فهل تغير الوضع اليوم؟..
مصادر فلسطينية مقربة من منظمة التحرير تؤكد أن «المخيم لن يكون إلا تابعاً لأهله، ومعظم الناس فيه يلتزمون المسار التاريخي الذي أرساه أبو عمار وأن جوّ التعصب بعيد عنهم وهم بعيدون عنه»، وتعتبر المصادر أنه «إذا سقط المخيم بيد الإرهابيين فسيشاهد سكان صيدا ومحيطها بأم أعينهم أعلام داعش وغيرها من المنظمات المتشددة في مخيم عين الحلوة لا سمح الله»، وتؤكد أن «مخيم عين الحلوة لن يعود إلى الاستقرار المنشود إلا بعد تسليم قتلة اللواء أبو أشرف العرموشي ومجموعته»، معتبرة أن المسؤول الفلسطيني «لم يتعرض لعملية اغتيال وإنما حصلت مجزرة بحقه وحق عناصره».
وترى أنه «فعل إجرامي يخدم أجندات خارجية لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني على الإطلاق».
أسأل المصادر: هناك من يرى وجود إرادة إيرانية لجعل المخيمات الفلسطينية مثل غزة تدور في فلك إيران، لا تجيب المصادر عن ذلك صراحة وإنما تقول إن «قرار الفلسطينيين هو بيد الفلسطينيين أنفسهم»، وتؤكد المصادر أن «حق العودة هو في وجدان كل فلسطيني وأن الوجود في الشتات وإن طال وقته، فإن نهايته الأكيدة هي العودة إلى فلسطين»، مثنية على العلاقة المميزة بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اللبنانية، مؤكدة أن التعاون مع الدولة اللبنانية هو أساسي لمصلحة لبنان والفلسطينيين.
في هذا الإطار وصل إلى بيروت مسؤول الملف اللبناني في منظمة التحرير الفلسطينية – عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة عزام الأحمد واجتمع الأحد مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في دارته، في حضور المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر حركة «فتح» وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات وسفير فلسطين في لبنان أشرف دبور.
هذا اللقاء وصفته مصادر المجتمعين بأنه «إيجابي جداً» وبأنه وضع مساراً واضحاً لحل الموضوع في عين الحلوة، وبسبب طبيعة اللقاء بحضور أمني عالي المستوى لم تشأ المصادر كشف المزيد، وعن الطلب الأساسي الذي ترفعه «فتح» مع باقي الفصائل الفلسطينية بضرورة تسليم قتلة اللواء أبو أشرف العرموشي، أكدت المصادر أنه «تم تأكيد هذا الأمر في الاجتماع»، وأن الجانبين اللبناني والفلسطيني وضعا آلية مشتركة لضبط موضوع عين الحلوة والمخيمات بشكل عام وأن الأمور متجهة نحو «مسار آمن».
مساء أمس الأحد، جددت هيئة العمل الفلسطيني المشترك «تأكيدها على تثبيت وقف إطلاق النار الشامل والدائم في مخيم عين الحلوة، وسحب كافة المسلحين من الشوارع وفتح الطرقات».
ودعت هيئة العمل، لجنة التحقيق التي شكلتها، إلى الاستمرار في عملها لتحديد المتورطين في عملية الاغتيال الإجرامية التي استهدفت قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا أبو أشرف العرموشي، وكذلك في عملية اغتيال عبد الرحمن فرهود، لتقوم هيئة العمل الفلسطيني المشترك بالعمل على تسليمهم إلى القضاء اللبناني بأسرع وقت»، كما دعت هيئة العمل «كافة العائلات التي نزحت بسبب الاشتباكات للعودة إلى منازلهم في المخيم».
في أي حال، إنهاء الأمر في مخيم عين الحلوة يسد ثغرة كبيرة في الموضوع الأمني في لبنان الذي تخوفت منه دول خليجية وعالمية عدة، لكن مطلوب وبقوة، سد ثغرات أخرى.
فعندما تدعو دول عربية وأجنبية مواطنيها في لبنان إلى الابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنية، يفهم بشكل أوتوماتيكي أن المقصود من ذلك أماكن الاضطرابات الأمنية قرب صيدا، لكن ماذا عن قيام مواطنين «فرحين» بنجاح أولادهم في البكالوريا بإطلاق النار بشكل عبثي في مناطق متفرقة من لبنان، مما يؤدي إلى إصابة مواطنين آخرين وربما مقتلهم؟، الأمثلة على ذلك بالعشرات وربما بالمئات وآخر الضحايا الطفلة نايا حنا وعمرها 7 سنوات التي أصيبت برصاصة طائشة في الحدت وهي في حالة خطرة في المستشفى، وتحتاج إلى الدعاء.
يحتاج كل لبنان المزيد من ضبط الأمن: من الجنوب إلى الشمال مروراً بالعاصمة بيروت والجبل والبقاع.
يحتاج لبنان إلى ضبط الحدود وكشف المزيد من عصابات الإجرام والتهريب وخلاف ذلك، كلما ضبط الأمن أكثر، كلما ارتاح اللبنانيون ومعهم اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات.
في الحقيقة، يحتاج لبنان، مثل نايا، إلى الدعاء!..
"السهم"