facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحرية المسؤولة


امل خضر
06-08-2023 09:18 PM

ولد الإنسان ليكون حرًا، ويفكر بحرية، وأن يمتلك حرية التصرف في شأنه الخاص حسب ما يرتأيه ويريده كي يحقق ذاته على أكمل وجه، وليس هناك مجتمع يستطيع أن يتقدم وينتج الأفكار ويجددها إذا كانت دمائه تجري في أوعية من حديد قابلة للصدأ، ، ويقول الفاروق عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، كما يقول الإمام علي بن أبي طالب: "لا تكن عبد غيرك، وقد جعلك الله حرًا".

الحريّة مفهوم يحتاج منا ان نطيل التفكير وان نعد للعشرة لكي نستطيع فهم وتطبيق ما حمله معنى الحرية بالاتجاه الصحيح ولما خلقت لأجله فالحرية هي قدرة الإنسان على القيام بالأمور التي لا تضر بالآخرين، أو تخالف القانون، وللحرية كذلك حدود وقيود وشروط يتم ضبطها بالقانون حتى لا يُساء استخدامها، وإلا ألحقت أضرارًا بالأفراد والمجتمعات،. والقانون والحرية ليسا ضدان قالقانون لا يقمع الحرية وإنما يحميها من فوضى الحرية المطلقة .

ولا تكتمل الحرية إلا بقيمة أخرى تُكملها وتضبط أثرها، وهي المسؤولية، وإذا كانت “الحرية” هي: قدرة الإنسان على فعل الشيء أو تركه بإختياره وإرادته الذاتية الحرة، فإن “المسؤولية” هي: تحمل تبعات ونتائج ما يفعله الإنسان أو يتركه باختياره وإرادته الذاتية الحرة كذلك، وهكذا يقترن حق الحرية بواجب المسؤولية، بحيث تفقد الحرية معناها بدون المسؤولية، وتفقد المسؤولية معناها بدون الحرية، فالعلاقة بينهما علاقة متلازمة ومتكاملة؛ فالإنسان حر ما لم يضر.

والقانون هو الميزان الذي يضبط حركة الإنسان وخياراته. والله- جلّت قدرته - عندما منح الإنسان حرية الاختيار، ربطها بتحمل المسؤولية.

الحرية والمسؤولية كميزان يرمز للعدالة والمساواة بكفتيه فلابد من تواجدهما معا في تقابل، لأجل تعزيز الاستقرار وتفعيل النماء معا في تزامن وترويضها على التفاعل الإيجابي بين كفتي الميزان؛ إذ لا توجد هناك حرية بلا حدود وبلا شروط وبلا متطلبات ولا ضوابط تضبطها لتحمي الحرية ومفهومها من الانزلاق إلى الفوضى، فالحرية تقتل ذاتها بذاتها حين تكون بلا مسؤولية وضوابط .

وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت"منبر من لا منبر له"، ولكن مع الأسف فإن البعض يسيء استخدامها، ويحولها إلى منابر يتم استثمارها لاغراض التحريض والاشاعات وبث مفاهيم خارجة عن اطارها ومفهومها الصحيح ونشر التطرّف بشتى أنواعه.

لا ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أاسهمت واضافت متعة وشغفًا على طريقة تلقي الأخبار، وأضحى الارتباط بها أكثر من الارتباط بوسائل الإعلام التقليدية، ولكنها تحولت إلى ما يمكن تشبيه ب"الوجبات السريعة" تُؤكل وتُستهلك بسرعة، بعكس الطعام اللذيذ الذي يحتاج وقتا اطول لطهيه وبالتالي وقتًا وصبرًا، اكثر والسرعة لا تجعل الدقة والمصدقية دائمًا، وهوما يشكل تهديدًا على مضمون الرسالة الإعلامية، وكيفية وصولها بشكل صحيح دون تشويش، فالرسالة الإعلامية عبر وسائل التواصل بشتى أنواعها أصبحت أكثر انتشارًا وتنافسيةً وإثارة ، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للاختراق والتشويه والتزوير. وهنا يأتي التحدي الكبير في إمكانية الحفاظ على رصانة ودقة الرسالة الإعلامية وسط سيل من الاشاعات والصوروالفوضى غير المسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي .

فالحرية بمعزل عن المسؤولية صورة تعبيرية لحالة من الفوضى، كما إن التركيز فقط على المسؤولية دون تأكيد الحرية كحق أصيل، ثابت، يحجم قابلية التحقق الذاتي للأفراد، وتباعًا في الحالتين، يتعثر تقدم المجتمع ككل، تنحسر مبادرات الإبداع والابتكار، ويتعسّر الارتقاء على السلم الحضاري، فالحرية ليست ضد المسؤولية على قاعدة ان الضدين لا يجتمعان، إذا حضرت الحرية فأنه لا وجود للمسؤولية أو بالعكس.

الحرية والمسؤولية لا بُد من تواجدهما معا في تقابل لأجل تعزيز الاستقرار معا في توازن وتزامن، كفة الحرية تحقق للأفراد كافة القابليات الإيجابية التي أودعها الله فيهم، الأمر الذي تباعا يثري خبرة الحياة على صعيد الفرد والمجتمع بسواء، أما المسؤولية، فتحرص على حماية الصالحِ الوطني ، والصالحِ الإنساني العام، مما يبدر من أفراد أو تنظيمات متعددي المنطلقات والوجهات من تصرفات ضارة، ومجحفة.

القيد أو الالتزام الذاتي لا يكبت قابليات المرء، وإنما يصونها عن الخطأ، بل ويوجهها لما فيه تطور وتقدم الفرد تباعا لتقدم ونمو الأسرة والمجتمع.

المسؤولية تعني عدم المساس بحريات الآخرين وعدم التعدي على الآخر مع الحرص على حماية الصالحِ الوطني ، وتجنب التصرف المؤذي، أو الاصطدام، بسلطة القانون. بالطبع من حق الجميع المطالبة بتعديل او تغير او حتى رفض القانون ولكن ليس من حقهم الاشتباك معه، وهكذا يقترن حق الحرية بواجب المسؤولية، بحيث تفقد الحرية معناها بدون المسؤولية، وتفقد المسؤولية معناها بالتالي وفي ضوء ما سبق نجد أن توعية المواطن بالآليات التي تتبناها دول العالم المتقدم على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتقني والبيئي وفق الواجبات والحقوق لكل مواطن يظهر ملامح الحرية المسئولة، التي تضع الفرد تحت تقييم ذاتي وتقويم من مؤسسته ومجتمعه؛ ليقف على الطريق الصحيح، ومن ثم يلبي طموحاته ورغباته المشروعة ويحقق أهدافه التي تنسجم مع الغايات الكبرى للمجتمع، وهذا ما يمثل النظام العام للدولة .

ويتمخض عن الحرية المسئولة إيجابيات متعددة تعمل على أن يحترم الفرد التنوع الثقافي ويقدره، ويحترم حقوق وحريّات الآخرين، ويعي طبيعة الأيديولوجيات المختلفة، وهذه الأمور تسهم في تعضيد مبادئ التعايش السلمي بشكل عميق يتسم بالصدق في التعامل والإخلاص في العمل، وهو ما يوجد المناخ الداعم على المستوى الاجتماعي، بما يؤدي لشيوع حالة من الرضا النفسي بين الأفراد داخل المؤسسات وخارجها، ومن ثم يساعد ويشارك المواطن بكامل مقوماته وقدراته في بناء مجتمعه على كافة المستويات من المحلية للعالمية .

وقد أشاد العالم بأسره بآليات التجربة الاردنية في إدارتها لملفات الصراعات حول بعض القضايا التي تخصها أو تخص جيرانها؛ حيث اتبعت طرائق الحوار البناء والتفاوض الرشيد الهادئ لتصل لمبتغاها، ولم تتطرق البتة لمسالك التهديد والعنف؛ برغم مقدرتها العسكرية وهذا الوعي لم يتأتى فجأة؛ فقد عانت الدول التي اتبعت استراتيجيات العنف كثيراً وحصدت الخسائر في الجانبين المادي والمعنوي، مما أثر على نهضتها وتقدمها بين مصاف الدول والحق أن الفضل في منهجية إدارة الصراعات بطريقة بعيدة عن العنف ترجع للقيادة السياسية الرشيدة التي تبذل من الجهود ما يعضد السلم والسلام، مع أخذ الحقوق غير منقوصة بطرق التفاوض والسلم، وتلك هي الحرية المسئولة في نموذج القيادة التي أخذت على عاتقها مسئولية البلاد والعباد، ومن ثم يتوجب على كل مواطن أن يشارك في هذا الاتجاه القويم؛ لنجني ثمار التقدم والازدهار نحو مستقبل يخلو من الصراعات .

الحرية لا تعني التجاوز والخروج عن النظام، أو الشتم والتجريح، وإلا تتحول إلى فوضى، كما لا تعني قيام المتظاهرين بالإضرار بالممتلكات العامة أو بث الذعر والاعتداء والإساءة إلى أحد، فالحرية تنتهي عند اصطدامها بحريات الآخرين، فحتى في البلدان التي تسمي نفسها بأنها "رائدة الحرية في العالم"، فإن المظاهرة تتطلب الحصول على موافقة السلطات المختصة.

توجد لدينا العديد من المشاكل والأزمات المتراكمة ونقدر أن نفهم بوجود حالة قلق تدعو بعض الفئات إلى عدم الرضا عما ترى، ويحفزها إلى أن تفتش في كل النواحي عن خيارات بديلة للوصول إلى مستقبل أفضل، غير أن بعض حالات التفتيش عما تعتقدها من بدائل تعبر عن نفسها أحيانا بطرق غير مقبولة أو مرضية، فبعض الرسائل تتجاوز حدود حرية التعبير المسؤولة، وتتحول إلى نوع من صناعة الفوضى، وقد تؤثر سلبا على البلد وأمنه واستقراره، فاللغة المفرطة في التهكم وتجاوز كل شيء وازدياد الشد والجذب والاحتكاك والجدال حولها، لن تؤدي إلى تحقيق أي هدف، وربما تؤدي إلى هدمه، والأمل الآن أن نفتح جميعًا عقولنا وقلوبنا وفكرنا لبعضنا البعض، وأن نناقش المستقبل، وأن نذهب إليه بطريقة سليمة ومتضمنة تجارب الماضي، ومن واجب الجميع بدون استثناء المساعدة على فتح هذا الطريق، ويشارك على إرساء قواعد متينة تستند إليها آلية التغيير المأمون.

أن وسائل العصر الذهبي يمكنني تسميته، مضافة إلى شحنة القلق، مضافة إلى حراك اجتماعي واعٍ، ومضافة إلى قيادة حكيمة قادرة على استيعاب المتغيرات والتجاوب معها، قادرة كلها على أن تتحول إلى كتلة من الايجابية والطاقة البناءة

من أجل بناء اردن العز والمجد اردن الهواشم عبر نهضة متجددة، وتحقيق تنمية شاملة مستدامة في مناخ وطني يسوده وئام اجتماعي واستقرار سياسي. حفظك الله يا بلادي وكان الله عونا لشعبا استحق الحياة بكرامة وحرية وعزة نفس .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :