و كأنّه مكتوب على هذا الوطن أن يعيش حرب أبدية ، حرب داخلية و خارجية ، هذا الوطن الصغير الجميل لم يعشْ و يذق طعم الراحة منذ عقود ... ألا تكفي "قطعة السماء " هذه السنوات من المطر الاسود؟
مشكلة لبنان متجذّرة و على نقيض من تجذّر الأرز الجميل تكمن مشكلته في بعض من " شعبه " ، في زمرة تحكم دستورها الفساد و دينها التديّن الفاسد و في اتحاد هذا الثنائي دمار لأيّة حضارة حتى لو بُنيت على المريخ ، قليل على أرض الارز من يحبّها من قلبه ، من يفضّلها على مصلحته و جيبته و زعيمه و حسابه و ساعاته...
و على الضفة المقابلة لضفّة السعي لدعم لبنان و الاستثمار به لا يمكن أبدا عدم الالتفات للأصوات التي تنادي بعدمية فائدة دعم لبنان ، حتى لو لم يكن استثمارا بل منح ، النتيجة هي هي السلب و النهب.
حقيقة مؤلمة هي التي تضع لبنان بين نارين ، نار حاجة الشعب لكل وسائل الدعم ، للصحة و الغذاء و الدواء ، و نار الفاسدين الباردة التي ما أن تسمع بمنحة تليح بالأفق حتى يسيل لعابها ، هذه الفئة لم يستطع أبناء بيروت الانثى الجميلة أن ينتزعوهم ، و حتى الخالة العتيقة فرنسا التي لعبت دور الأم في العقود الماضية وعدت و لم تفي ، فما حلّ جارة الياسمين؟
حلّ لبنان يكمن في ثورة ثقافية شعبية تقلب الطاولة على أوراق السياسة و استغلال الدين معا ، لا طائفة و لا طائفية و لا رئيس حزب ، لبنان للجميع و للأحقّ ، فإن بقيت الكعكعة تقسّم وفق مبدأ "المحاصصة " فأيّة ديموقراطية هذه التي تصنعها الاتفاقات المسبقة؟
ما يميّز الشعب اللبناني عن غيره من الشعوب العربية خصوصا تلك التي شهد ترابها الدم و الثورة أن شعبها لا يملّ من عيش الحياة ، شعب يهوى المرح ، لا يعرف الحزن و اليأس و الهزيمة ، يحبّ العزف على أوتار الضحك و يلحّن بصوته المجروح أهازيج الأمل.
نتمنّى من الدول العربية ايجاد طرق مباشرة لدعم الشعب اللبناني ، قنوات لا تقبل الوساطات أو التقسيم ، فحقيقة هذا الشعب قد ضاقت به الحياة ، و هو لا يستحقّ إلّا كل ما يشبه الحياة بجمالها ، أما الفاسدين فلكم بؤس الحياة في وطن تدعون حبّه عبثا ، و هو لم يأخذ منكم سوى الخراب.