لا يمكن لأحد أن يشك بأن جهاز الأمن العام في بلدنا يعد مفخرة بسبب الأخلاق الرفيعة التي يتمتع بها المنتسبون لهذا الجهاز ابتداء من أول شرطي يقابلك بابتسامته في أي منفذ حدودي وليس انتهاء بأي رقيب سير يستوقفك مبتسما ليحرر لك مخالفة سير , ذلك أن الفلسفة الناظمة لعمل هذا الجهاز تنطلق من أن حقوق المواطنين مصانة بالقانون, وأن المواطن والزائر محترم طالما احترم القوانين والأنظمة المرعية في هذا الوطن .
وانا لا أسوق هذا الكلام اعتمادا على تجربتي الخاصه وإنما اعتمادا على شهادات الكثير من زوار بلدنا الذين دأبوا على الإشادة برجل الأمن الاردني باعتباره دليلا على النقلة الحضارية التي يتمتع بها بلدنا وباعتبار أنه يناقض الصورة المرسومة للشرطي في ذهن المواطن العربي والقاضية بأن الشرطي ليس أكثر من أداة قمع وليس حارسا لحقوق المواطن وأمينا عليها .
وأدرك جيدا أن كل هذا لايجب أن يفضي الى ( تدليع ) المتطاولين على القانون أو حقوق الناس , فليس ممكنا مطالبة الشرطي بأن يسأل السجين إن كان يحب قهوة الصباح بالحليب أو بدون , أو أن يستشيره من أي المطاعم يفضل تناول الغداء , وهل يفضله مع السلطه أو مع الشوربه أو مع الخضار المشويه , أو أن يسأله إلى أي دراي كلين يحب أن ترسل ملابسه , وهل يرغب باستعادتها في نفس اليوم أو أنه يصبر عليها إلى اليوم التالي .
غير أن كل هذا لن يمنعنا من التأشير على أي خلل يمكن ملاحظته في أداء هذا الجهاز لتظل الصورة التي نعتز بها ناصعة ولتظل سمعة بلدنا تماما مثلما يريد قائد الوطن لها أن تكون .ولذلك نضع بين يدي مدير الامن العام – المعروف بحزمه – الرواية التالية التي رواها لنا مواطن موثوق بصدقه.
قال انه حمل يوم الخميس رسالة من إحدى المتصرفيات إلى واحد من المراكز الامنية تتعلق باستدعاء مواطنين اشتكى عليهما إلى ديوان المتصرف , يقول إنه دخل مبنى حديثا ونظيفا وسأل لمن يسلم الكتاب فأبلغه الجميع أن عليه تسليمه إلى شخص يدعى الرقيب نضال , ظل صاحبنا لأكثر من ساعة يبحث عن الشخص المعني ولا يجده , وأخيرا قيل له انه في مكتب المدير وأنه يرتدي ملابس مدنيه , انتظره حتى خرج , وسأله هل حضرتك الرقيب نضال ؟ فأجابه مبتعدا لا ودخل إلى أحد المكاتب في حين رجع صاحبنا إلى من أرشده إليه فجاء هذا معه إلى المكتب وأشار الى من أنكر نفسه قبل لحظات قائلا هذا هو الرقيب نضال.
لم يجد صاحبنا أمامه غير مراجعة مدير المركز الأمني لإبلاغه بما حدث , فما كان من المدير إلا ان استلم الرسالة وأشر عليها قائلا ( خليها عل الله ) , سنستدعيك انت والمشتكى عليهما لمراجعة المتصرف , طبعا حتى مساء الاحد لم يتصل المركز الامني بصاحبنا الذي كان يتوقع ان يستدعي المدير رقيبه نضال ليوبخه على تقاعسه في اداء عمله بطريقة لا تنم الا عن الاستهتار. وأن يستدعى لاستكمال معاملته وهو ما يؤشر من وجهة نظره إلى أن مدير المركز موافق على فعلة الرقيب نضال .
** اسم المركز الامني متوفر عندي
hmubaydeen@yahoo.com