منذ سنوات وأنا أقوم بنفس العادة، يوم الجمعة أطوف بسيارتي بين الأحياء استمع لدرس الجمعة ومنطق «الخطيب» من خارج المسجد، فإن شدّني أسلوبه وشممت منه رائحة التجديد والبلاغة دخلت،واذا لم اجد..بحثت عن مسجدٍ آخر أؤدي فيه صلاتي وأسقط فرضي..
لا أبالغ ان قلت اني صلّيت بأكثر من سبعين مسجداً مختلفاً بحثاً عن خطيب واقعي يطرح مواضيع ذات صلة بواقعنا الاجتماعي..ولم أفلح الاّ بعدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة،مما دعاني لتخزين أرقام هواتفهم لغايات الاتصال بأحدهم قبل الجمعة ومعرفة في أي المساجد هو، بدلاً من ترك الأمر للحظ والنصيب..
بالرغم من أهميتها..ألاّ أن المصلّي وصل الى حالة الاشباع منها..نفس القصص ونفس الأمثلة ونفس العبارات ونفس المواضيع تتكرر في كل خطبة: التيمم، النية،أحكام الوضوء، النميمة، الطهارة، ملامسة النساء ..الخ..طيب لماذا نصر على تجنّب طرح المواضيع الاجتماعية الحساسة التي تؤرق الناس ..لماذا لا يسترد المنبر مكانته كأهم وسيلة اعلام وتنوير في الدولة ..ماشي، لا تريدون الخطباء ان يتكلموا في السياسة، حسناً أطلقوا أيديهم وألسنتهم ليتكلموا في مشاكل البشر ..لماذا لا يتكلّمون عن «العنف» بين الناس، عن غلاء الأسعار، عن تدبير البيوت، عن ضعف الرواتب، عن مفارقات يومية تحدث لسائر الناس .. عن قصص واقعية عن الفقر والفقراء..لماذا نرى خطباء من غير خطبة على المنبر..
الجمعة الماضية كان الخطيب شاباً في بداية العشرين، واضح أنه خريج جديد ..لقد كرر عبارة «اخوتي في الله» ثلاثاً وخمسين مرة، وعبارة «اتقوا الله يا عباد الله « ست عشرة مرة في خطبة لم تتجاوز الــربع ساعة دون أن يعرف أي من المصلين عنوان أو موضوع الخطبة، ودون أن أفلح شخصياً بالتقاط «جملة مفيدة واحدة»...سوى جملة «وأنت يا أخي أقم الصلاة»...
تريدون اصلاحاً حقيقياً للمجتمع ..ابدأوا من المنبر.
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)