في النسيج المعقد للجغرافيا السياسية العالمية، يقدم هذا السيناريو والذي سمي بسيناريو "طنجرة الضغط"، سردا مؤثرا للتحديات والديناميكيات المحتملة التي قد يواجها الشرق الأوسط في العقد المقبل. ينسج هذا السيناريو بشكل معقد مجموعة من العوامل، ومن التقلبات الاقتصادية والتحالفات المتغيرة إلى الاضطرابات الداخلية والضغوط الجيوسياسية، مما يقدم لمحة حية عن مستقبل محتمل للمنطقة.

يتكشف سيناريو "طنجرة الضغط" على خلفية فك الارتباط العسكري الأمريكي الحذر، الذي يتميز بتخفيض القوات في الشرق الأوسط مع الحفاظ على وجود ملحوظ في المناطق الاستراتيجية الرئيسية. وفي الوقت نفسه، تحث الولايات المتحدة الجهات الفاعلة الإقليمية على القيام بدور أكثر استباقية في حل تحدياتها الأمنية، وتعزيز الفرص الاقتصادية في تجارة الأسلحة. ومع ذلك، فإن فك الارتباط المحسوب هذا يخاطر بخلق فراغ في السلطة يمكن أن يجذب نفوذ روسيا والصين، وهي نتيجة تسعى واشنطن إلى منعها.

ومع ذلك، فإن التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 بطيء، مما يعوق التقدم الاقتصادي. ويكافح قطاع الطاقة، وهو حجر الزاوية في اقتصادات الشرق الأوسط، مع انخفاض أسعار النفط، مما يستلزم اتخاذ إجراءات لشد الحزام في دول الخليج. ومع تضاؤل الدعم الاقتصادي، تتغير الديناميكيات الإقليمية، وتستفيد الصين وروسيا من الفرص لتوسيع نفوذهما.

مصر، التي تواجه إلغاء مشاريع عملاقة وتضاؤل الدعم من الحلفاء التقليديين، تجد نفسها تلجأ إلى الصين وروسيا للحصول على المساعدة. وتقدم هذه القوى الدعم المالي، ومشاريع البنية التحتية، وحتى قدرات المراقبة المتقدمة، مما يغير المشهد الجيوسياسي في المنطقة. يتوسع موطئ قدم روسيا الاستراتيجي مع قواعد في السودان ووجود متزايد في البحر الأحمر، في حين تعزز الصين دورها من خلال تأمين اتفاقيات مع اللاعبين الرئيسيين.

وسط هذا التفاعل المعقد للنفوذ، تتصارع إسرائيل مع تحقيق توازن دقيق. وهي تنسق بحذر مع روسيا والصين بشأن المسائل الأمنية الحرجة، في حين يواجه تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة تحديات. وتزيد دعوات واشنطن لإحراز تقدم في إرساء الديمقراطية من تعقيد الرقص الدبلوماسي المعقد.

وتزيد التحديات الداخلية من تعقيد المنطقة، حيث تجتاح الضائقة الاقتصادية والاضطرابات دولا مثل الجزائر ومصر والعراق. وتؤدي تخفيضات الميزانية إلى إجهاد خدمات الدولة، ويؤدي تزايد عدد السكان إلى تفاقم القضايا القائمة. وتتلاقى الاضطرابات مع ندرة الموارد، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وتصاعد التوترات. تستغل الجماعات المتطرفة الفوضى وتزدهر وسط الاضطرابات.

ولا تزال التوترات بين إسرائيل وحماس مستمرة، مع فشل الاشتباكات العنيفة في إحداث تغيير استراتيجي. على مدى العقد، أسفر الضغط الأمريكي على إسرائيل للدخول في مفاوضات سلام عن نتائج محدودة بسبب المناورات المراوغة من قبل كل من القيادة الإسرائيلية والفلسطينية. وفي الوقت نفسه، تواجه العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل احتكاكات حول العلاقات مع الصين وروسيا، مما يضيف طبقة من التعقيد إلى سيناريو معقد بالفعل.

ومع بقاء القوات الأمريكية المتبقية في مناطق الصراع الرئيسية، تستمر الصراعات منخفضة الحدة بين إسرائيل والقوات المدعومة من إيران في العراق وسوريا. ويؤكد هذا السيناريو على المخاطر المحتملة لسياسة تركز على منافسة القوى العظمى، ويكشف كيف يمكن أن تعيد تشكيل التحالفات التقليدية وربما تضر بالولايات المتحدة في مساعيها الاستراتيجية الخاصة.

وفي نهاية المطاف، فإن سيناريو "طنجرة الضغط" بمثابة تذكير صارخ بالتحديات متعددة الأبعاد التي تنتظر الشرق الأوسط. ويؤكد على التفاعل المعقد بين العوامل الداخلية والخارجية، ويسلط الضوء على الحاجة إلى الدبلوماسية الدقيقة، والقدرة على التكيف، واتباع نهج الاستباقية للتنقل في مشهد يحدده عدم اليقين والتعقيد. في رقعة الشطرنج هذه المتطورة باستمرار من الجغرافيا السياسية، تظل القدرة على توقع الاستقرار ووضع الاستراتيجيات وتعزيزه أمرا بالغ الأهمية، خشية أن يصل الضغط داخل الطنجرة إلى نقطة الانفجار.