ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تجتمع فيها فصائل القضية الفلسطينية من أجل إتمام مصالحة وطنية، وغالبا ما تكون الاجتماعات بعد عدوان إسرائيلي أو نتيجة تدخل دولة مهمة أو عند شعور أحد الأطراف بمأزق فيكون البحث عن المصالحة ورقة في تلك المرحلة.
قبل يومين كانت الاجتماعات في القاهرة بغياب عدد من الفصائل لكن المهم حضور فتح وحماس فهما الأبرز وهما من بينهما الخلاف على كل شيء بل هو صراع وجود بين الطرفين بحكم التناقض في الأهداف والتحالفات وأدوات العمل، وفي نهاية الاجتماع تم تشكيل لجنة لإتمام المصالحة.
مؤكد أن هذه الاجتماعات لا تحظى باهتمام أحد حتى داخل الشعب الفلسطيني لأنها تكاثرت خلال سنوات الشقاق واستقلال غزة عن حكم فتح منذ العام 2005، وآخرها كان قبيل القمة العربية في الجزائر قبل أقل من عام حيث كانت المصافحة والبيانات الأخوية لكن كل شيء انتهى دون نتيجة ليتجدد اللقاء قبل يومين في القاهرة.
والتاريخ يقول إن مصر بذلت جهودا كبيرة، وأيضا كان هناك جهد كبير للأردن، وعملت السعودية على إنجاز اتفاق مهم حمل اسم اتفاق مكة، وتم الاتفاق على كل شيء بما فيها قضية التفاوض مع إسرائيل، بحيث تتولى منظمة التحرير ذلك وتعرض النتائج على استفتاء شعبي، وكان هذا قبل وثيقة حماس عام 2017 التي أعلنت استعدادها قبول دولة فلسطينية على أراضي 67، طبعا لم تذكر المفاوضات لكن من المؤكد أن الحصول على دولة بالحل السياسي لن يكون دون التفاوض مع إسرائيل، فتبادل الأسرى يحتاج تفاوضا لسنوات فكيف بقبول إسرائيل إعطاء دولة لحماس على حدود 67.
تاريخ طويل وغير مثمر لحوارات المصالحة، لكن ما لا يقوله أحد إن فتح وحماس صنعا واقعا من الانقسام يجعل من موقف إسرائيل سهلا في إدارة عملية الاحتلال، وجعل قيمة كل طرف سياسيا لا تتعدى حدود سلطته، وصنعت داخل فصائل فلسطين تحالفات متناقضة لكل طرف، فلا من يعلن قبوله بالتفاوض يفاوض، ولا من يعلن المقاومة يحرر شبرا بل يتلقى ضربات الاحتلال عندما تحدث.
كلتا السلطتين تذهبان نحو أولوية واحدة وهي تأمين حياة الناس في ظل فقر وبطالة وحصار بل وارتهان اقتصادي لإسرائيل بأشكال مختلفة، وكل المظاهر العسكرية لا وزن لها أمام واقع يزداد سوءا على الناس، فإسرائيل تنزعج من وجود السلاح في غزة لكنها تدرك أن الوضع الاقتصادي سيجعل السلاح أداة حكم داخلية مع مرور السنوات.
أخبار اجتماعات القاهرة غطت عليها أصوات الرصاص والقتل في مخيمات اللجوء في صيدا اللبنانية حيث القتال بين فتح ومجموعات إسلامية داخل المخيم، وحتى لو لم تكن هناك اشتباكات فلا أحد يصدق قصة المصالحة التي لم تنجح منذ سنوات كل محاولاتها، والأهم أن كلا الطرفين، فتح وحماس، أصبحت مصالحهما في بقاء الوضع الحالي، لكن الجميع يراوغون فالمراوغة هي الحل.
(الغد)